محيص : أي مهرب ، لذكرى : أي لعبرة ، قلب : أي لبّ يعى به ، أو ألقى السمع : أي أصغى إلى ما يتلى عليه من الوحى ، شهيد : أي حاضر فهو من الشهود بمعنى الحضور ، والمراد به الفطن ، إذ غيره كأنه غائب ، لغوب : أي تعب ، سبح بحمد ربك : أي نزهه عن كل نقص ، أدبار السجود : أي أعقاب الصلوات ، واحدها دبر (بضم فسكون وبضمتين) واستمع أي لما أخبرك به من أهوال يوم القيامة ، يوم ينادى المنادى : أي يخرجون من القبور يوم ينادى المنادى ، من مكان قريب : أي بحيث لا يخفى الصوت على أحد ، والمنادى هو جبريل عليه السلام ، على ما ورد فى الآثار ، يقول : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، واللحوم المتمزّقة ، والشعور المتفرقة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
والصيحة : النفخة الثانية. بالحق : أي بالبعث والجزاء ، يوم الخروج : أي من القبور ، تشقق : أي تتصدع ، بجبار : أي بمسيطر ومسلط ، إنما أنت داع ومنذر.
المعنى الجملي
بعد أن أنذرهم بما بين أيديهم من اليوم العظيم والعذاب الأليم ـ أنذرهم بما يعجل لهم فى الدنيا من ضروب العذاب ، سنة الله فيمن تقدمهم من المكذبين قبلهم ممن ساروا فى البلاد طولا وعرضا وكانوا ذوى قوة وأيد ، ولم يغن ذلك عنهم من الله شيئا ، ووسط بين ذلك ذكر المتقين وما يلاقونه من النعيم ، ليكون أمرهم بين الخوف والطمع ، ومن ثم ذكر حال الكفور المعاند ، وحال الشكور العابد ، ثم ذكر أن هذا عظة وذكرى لكل ذى لبّ واع سميع لما يلقى إليه ، ثم أعاد الدليل مرة أخرى على إمكان البعث ، فأبان أنه قد خلق السموات والأرض فى ستة أطوار مختلفة وما أصابه تعب ولا لغوب كما قال : «أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ؟» ثم أمره بالصبر على ما يقولون ، وتنزيه الله عن كلّ نقص آناء الليل وأطراف النهار ، فها هو ذا قد اقترب يوم البعث والنشور ، وسمع صوت الداعي لذلك بعد النفخ فى الصور ، وتشققت الأرض سراعا وخرج الناس من