المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فيما سلف أن الناس فريقان : أحدهما متبع للباطل ، وهو حزب الشيطان ، وثانيهما متبع للحق ، وهو حزب الرحمن ـ ذكر هنا وجوب قتال الفريق الأول حتى يفىء إلى أمر الله ، ويرجع عن غيّه ، وتخضد شوكته.
الإيضاح
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) أي فإذا واجهتم المشركين فى القتال فاحصدوهم حصدا بالسيوف حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقابهم وصاروا فى أيديكم أسرى فشدوهم فى الوثاق ، كى لا يقاتلوكم أو يهربوا منكم ، ثم أنتم بعد إنهاء الحرب وانتهاء المعارك ـ بالخيار فى أمرهم ، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتموهم بلا عوض من مال أو غيره ، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم وتشاطرونهم عليه ـ حتى لا يكون حرب مع المشركين ولا قتال ، بزوال شوكتهم.
ونحو الآية قوله تعالى : «وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ».
قال ابن عباس رضى الله عنهما : لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى فى الأسارى (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) وكان عليه عمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده. روى البخاري عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : «بعث النبي صلى الله عليه وسلّم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بنى حنيفة ، يقال له ثمامة ابن أثال ، فربطوه فى سارية من سوارى المسجد ، فخرج إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال ما عندك يا ثمامة؟ فقال : عندى خير ، إن تقتلنى تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل ما شئت ، حتى كان الغد ، فقال له صلّى الله عليه وسلم : ما عندك يا ثمامة؟ قال : عندى ما قلت لك ، قال : أطلقوا