الإيضاح
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً؟) أي ومن الناس منافقون يستمعون فلا يعون ما تقول ، ولا يفهمون ما تتلو عليهم من كتاب ربك ، تغافلا عما تدعو إليه من الإيمان ، حتى إذا خرجوا من عندك قالوا لمن حضر مجلسك من أهل العلم بكتاب الله : ماذا قال محمد قبل أن نفارق مجلسه؟.
وما مقصدهم من ذلك إلا السخرية والاستهزاء بما يقول ، وأنه مما لا ينبغى أن يؤبه به ، أو يلقى لمثله سمع.
روى مقاتل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يخطب ويعيب المنافقين ، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله ابن مسعود ، استهزاء : ماذا قال محمد آنفا؟ قال ابن عباس : وقد سئلت فيمن سئل.
ثم بين سبب استهزائهم وتهاونهم بما سمعوا فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي هؤلاء الذين هذه صفتهم ـ هم الذين ختم الله على قلوبهم ، فلا يهتدون للحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، واتبعوا شهواتهم وما دعتهم إليه أنفسهم ، فلا يرجعون إلى حجة ولا برهان.
ثم ذكر سبحانه أضداد هؤلاء بقوله :
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) أي والذين اهتدوا بالإيمان واستماع القرآن زادهم الله بصيرة وعلما وشرح صدورهم ، وألهمهم رشدهم ، وأعانهم على تقواه.
ثم بيّن أنهم فى غفلة عن النظر والتأمل فى عاقبة أمرهم فقال :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) أي إنه بعد أن قامت الأدلة على وحدانية الله وصدق نبوّة رسوله وأن البعث حق ، وأن الله يهلك