لا تحلّها من حيث هي أجزاء بل من حيث هي مجموع.
والثانى هو المحل الذي يحل فيه شيء من حيث هو ذلك الشيء القابل للقسمة كالجسم الذي يحل فيه السواد والحركة أو المقدار. وأشار الشيخ إلى القسم الأخير بقوله : «لكن الشيء المنقسم إلى كثرة مختلفة الوضع لا يجوز أن يقارنه شيء غير منقسم». وإنّما أعرض عن ذكر القسم الأوّل لأنّ الحالّ هناك لا يقارن المحل المنقسم من حيث هو ذلك المحلّ وليس مقارنته إيّاه هذه المقارنة بل انّما يقع عليهما اسم المقارنة لا بمعنى واحد.
قوله : «وفي المعقولات ... وكل قوّة في جسم منقسم» لمّا فرغ عن تمهيد الأصل المذكور شرع في تقرير الحجة وهو أنّ في المعقولات معانى غير منقسمة وإلّا للزم منه محال وهو التيام كل معقول من أجزاء غير متناهية بالفعل سواء كانت متشابهة أو غير متشابهة. وإنّما قيد بالفعل لأنّ الشيء الذي يكون له أجزاء غير متناهية بالقوة كالجسم انّما يكون واحدا بالفعل فيكون هو معنى غير منقسم من حيث هو واحد وهو المطلوب ، مع أنّ هذا الاحتمال في المعقولات غير ممكن على ما سيأتي. ومع لزوم المحال المذكور فالمطلوب حاصل لأنّ كل كثرة بالفعل سواء كانت متناهية أو غير متناهية فالواحد بالفعل موجود فيه ، وذلك لأنّ الكثرة عبارة عن الآحاد ، فإذن ثبت أنّ في المعقولات ما هو واحد فإذا عقل من حيث هو واحد فانّما عقل من حيث لا ينقسم. ومعنى أنّه عقل أنّه ارتسم في جوهر يدركه. وهذا الارتسام في ذلك الجوهر لا يكون من حيث لحوق طبيعة أخرى به لأنّه يدركه بذاته. ثمّ إن كان ذلك الجوهر ممّا ينقسم وجب من انقسامه انقسام المعنى المعقول من حيث هو واحد وهو محال ، فإذن المعقول الواحد يستحيل أن يرتسم فيما ينقسم في الوضع ، وكلّ جسم وكل قوّة حالّة في جسم منقسم ، فإذن محل المعقول الواحد ليس بجسم ولا بقوّة جسمانيّة ، ومحلّ المعقول الواحد هو محلّ سائر المعقولات على ما مرّ ، فإذن ليست النفس الإنسانية ولا كل ما من شأنه أن يعقل بجسم ولا بجسمانى. وألفاظ الكتاب ظاهرة.