وكذلك في محل المعقولات المتغائرة قد عدّ من أدلّة تجرّد النفس أيضا كما سيأتي كلمات القوم فيه.
قوله : «احترازا من انقسام المحل لا بالوضع» وذلك كالجسم المنقسم إلى جنسه وفصله أو إلى مادته وصورته مثلاً.
قوله «واعلم أنّ ما ليس بمنقسم بالفعل» هذا الكلام منه قدّس سرّه تمهيد وتوطئة لبيان الفصلين الآتيين ، لا أنّه من تتمة شرح الفصل السابق.
وأقول : في بيان الوهمين الآتيين بالإجمال : إنّ الشيخ قدّس سرّه لما كان أساس برهانه في تجرّد النفس الناطقة على وجود المعنى الواحد العقلي البسيط مجرّدا عن المادة أى يكون من وراء عالم الطبيعة ، كان الوهمان الآتيان في صدد أن يخرجا المعنى الواحد العقلى عن البساطة بحيث لم يكن معنى واحد عقلي بسيطا ، فلو ثبت هذا التوهم لما تمّ برهان الشيخ ، وذلك لأنّه إذا تطرق القسمة في المعنى الواحد العقلي وخرج عن البساطة جاز أن يحلّ فيما يقبل الانقسام فينقسم الحالّ أي المعنى الواحد العقلي بانقسام المحلّ أي النفس الناطقة بأقسام ، فعلى هذا لم تجب أن تكون النفس مجرّدة بل يمكن أن تكون جسما أو جسمانيا.
قوله : «واعلم أنّ ما ليس بمنقسم بالفعل» أي ما ليس بمنقسم بالفعل إلى أجزاء متباينة في الوضع فلا يحتمل أن ينقسم إلى مختلفات الحقيقة. فلنرجع إلى ما أفاده الشيخ في دفع الوهمين حول البرهان وشرح المحقق الطوسى عليه ، قال الشيخ :
وهم وتنبيه ، ولعلك تقول : قد يجوز أن تقع للصورة العقلية الوحدانية قسمة وهمية إلى أجزاء متشابهة. فاسمع أنّه إن كان كل واحد من القسمين المتشابهين شرطا مع الآخر في استتمام التصور العقلي فهما مباينان له مباينة الشرط للمشروط. وأيضا فيكون المعقول الذي أنّما يعقل بشرطين هما جزاءه منقسما. وايضا فإنّه قبل وقوع القسمة يكون فاقدا للشرط فلم يكن معقولا. وإن لم يكن شرطا فالصّورة المعقولة عند القسمة المفروضة صارت معقولة مع ما ليس مدخله في تتميم معقوليتها إلّا بالعرض ، وقد فرضنا الصورة المعقولة صورة مجرّدة عن اللواحق الغريبة فإذن هي ملابسة بعد لها ،