«فإن قلت أليست الصورة العقلية» ـ إلى قوله في الجواب : «فيقال هذا غير ذلك وهذا جائز لأنّه بإلحاق كلى بكلى» ـ إلى قوله : «وبينهما فرق ظاهر» ؛ ولم يزد عليه شيئا ، ثمّ أخذ في بيان امتناع انقسام الصورة العقلية إلى جزءين مختلفين على حذو ما في المباحث. والتعبير في الجواب بقوله : «فيقال» مشعر بأنّه لغيره ، بل صرّح في الآخر بذلك حيث يقول : هذا تقرير هذا البرهان على الوجهين المذكورين في كتب القوم. وسيأتي ردّ قول الفخر في تضعيفه هذه الطريقة.
ثمّ أخذ الفخر في بيان امتناع الصورة العقلية إلى جزءين مختلفين أي غير متشابهين وبعد ذلك حرّر الوجه الثانى من الوجوه الثلاثة في بيان امتناع القسمة على الصور العقلية؛ وكذلك على ممشاه حرّرهما صاحب الأسفار قريبا من تحريره.
واعلم أنّ الوجه الثانى ليس بصريح في عبارة الشفاء إلّا أنّه يمكن أن يستفاد من فحاوي عباراته ، ولكل واحد من صاحب المباحث وصاحب الأسفار تحرير خاص وإيراد عليه وما في الأسفار أمتن وأدق ونأتى بهما مزيدا للإستبصار ، قال في المباحث :
الوجه الثانى في بيان امتناع القسمة على الصور العقلية أن نقول انّ لكل شيء حقيقة هو بها هو ، وتلك الحقيقة لا محالة واحدة وهي غير قابلة للقسمة أصلا فإنّ القابل للقسمة يجب أن يبقى مع القسمة والعشرة من حيث إنّها عشرة لا تبقى مع الانقسام فإنها إذا انقسمت حصلت خمستان وبطلت العشرية فالعشرية من حيث هي عشرية صورة واحدة وحقيقة متحدة غير قابلة للقسمة.
وإذا ثبت ذلك فنقول : العلم المتعلق بهذه الماهيات المجرّدة ان انقسم فإمّا أن تكون أجزاؤه علوما أو لا تكون ، فإن لم تكن أجزاؤه علوما لم يكن العلم هو مجموع تلك الأجزاء بل الهيأة الحاصلة عند اجتماع تلك الأجزاء فإنّ تلك الأجزاء إذا اجتمعت وهي أنفسها ليست علوما فإن لم يحصل لها هيئة زائدة بسبب الاجتماع وجب أن لا يكون المجموع أيضا علما ، وإن حصلت هيئة زائدة على الاجتماع فكلامنا في تلك الهيأة وهو انّها لو كانت جسمانية لكانت منقسمة. وأمّا إن كانت أجزاء العلوم علوما فلها متعلق فلا يخلو إمّا أن يكون متعلق كل واحد من تلك الأجزاء كل ذلك