ووحدة لنفسها فلها صورة واحدة غير قابلة للقسمة؛ إذا ثبت ذلك فنقول : العلم المتعلق بهذه الماهيات المجرّدة إن كان حالا في محل منقسم يلزم من انقسام محله انقسامه ، ومن انقسامه انقسام ما هو صورته ، لكن المعلوم غير منقسم أو مأخوذ بما هو غير منقسم هذا خلف.
ثمّ قال صاحب الأسفار إيرادا على هذا الوجه ما هذا لفظه :
وكذلك نقول إيرادا على الوجه الثاني : لا نسلّم أنّ لكل شيء وحدة تقابل الانقسام من كل جهة حتى يلزم أن يكون صورتها أيضا كذلك فإنّ كثيرا من الأشياء وحدتها بالفعل عين قبول القسمة بالفعل كالعدد ، أو عين قبول القسمة بالقوّة كالأجسام والمقادير؛ فإنّ العشرة وإن كانت حقيقة واحدة لكن تلك الوحدة عين كثرة الآحاد التي يتألّف منها العشرة وهذه الكثرة غير مقابلة لها وانّما يقابلها كثرة أخرى هي كثرة العشرة أعنى العشرات تقابل وحدة العشرة التي هي عين كثرة الأجزاء أي الأعشار؛ وكذا وحدة الخمسة هي عين كثرة الأخماس ، وقد مرّ أنّ العدد من الأشياء الضعيفة الوجود لكونه ضعيف الوحدة أيضا حيث إنّ وحدته عين الكثرة. وكذلك الأجسام والمقادير وسائر المتصلات وحدتها عين قبول الكثرة الوهميّة أو الخارجية لأنّ وحدتها نفس متصليتها وممتديتها ، وامتدادها عبارة عن قبولها الكثرة المقدارية قوّة أو فعلا؛ فأنّى يوجد في مثل هذه الأشياء نحو من الوحدة التي لا تتضمّن اعتبارها اعتبار الكثرة بوجه من الوجوه؛ نعم حيثية وحدتها تغاير حيثية الكثرة التي تقابل تلك الوحدة ولا تغاير حيثية الكثرة التي يتضمّنها تلك الوحدة؛ فافهم هذا المعنى فانّه قد ذهل عنه كثير من العلماء حتى الشيخ في الشفاء حيث أراد أن يستدل على مغايرة الوحدة للوجود فقال : «انّ الكثير من حيث هو كثير موجود والكثير من حيث هو كثير ليس بواحد» ، وقد مرّ ما فيه من القول.
أقول : من إفادات المتألّه السبزواري في تعليقته على الأسفار في المقام قوله :
سبك الوجه الثانى الترقي من الأدنى فقالوا : أبعد الأشياء عن الوحدة العدد ومع هذا لا يقبل القسمة ، ثمّ ترقوا إلى الحقائق الخارجية الأخرى ، ثمّ إلى الصور العقلية.