وقول صاحب الأسفار : «وقد مرّ أنّ العدد من الأشياء ...» قد مرّ في أوّل المرحلة الخامسة في الوحدة والكثرة أنّ الوحدة رفيق الوجود تدور معه حيثما دار إذ هما متساويان في الصدق على الأشياء ، فكل ما يقال عليه إنّه موجود يقال عليه انّه واحد؛ ويوافقه أيضا في القوّة والضعف فكل ما وجوده أقوى كانت وحدانيته أتم إلخ (ج ١ ، ص ١٢٩ ، ط ١).
وقوله : «وقد مرّ ما فيه من القول» قد مرّ في آخر الفصل الأوّل من المرحلة الخامسة المعنون بعنوان إنارة قوله في ذلك :
ولعلك تقول حسبما وجدت في كتب الفن كالشفاء وغيره انّ الوحدة مغايرة للوجود لأنّ الكثير من حيث هو كثير موجود ، ولا شيء من الكثير من حيث هو كثير بواحد ينتج فليس كل موجود بما هو موجود بواحد فإذن الوحدة مغايرة للوجود إلخ (ج ١ ، ص ١٣٢ ، ط ١).
وينبغى تحليل مفاد المقدمتين أي الصغرى التي هي الكثير من حيث هو كثير موجود ، والكبرى التي هي لا شيء من الكثير من حيث هو كثير بواحد ، كما فعله في الأسفار والشواهد الربوبية. والورود في البحث يوجب الاسهاب ويخرجنا عن موضوع الباب. والشيخ بحث عن الوحدة والكثرة في فصول المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء.
والغرض العمدة من بحثنا في المقام هو انّ العشرة نوع من أنواع العدد ، وانّ العشرة الكلية العقلية صورة واحدة لا تنقسم في العشرية إلى عشرتين ، فمدركها يجب أن يكون جوهرا منّا غير جسمانى ، ولا بأس بانقسام معروضها اى الآحاد. وهذا كما أفاده الشيخ في أوّل خامس المقالة المذكورة بقوله :
وكل واحد من الأعداد فانّه نوع بنفسه وهو واحد في نفسه من حيث هو ذلك النوع. وله من حيث هو ذلك النوع خواصّ ، والشيء الذي لا حقيقة له محال أن يكون له خاصيته الأوّلية أو التركيبية أو التمامية أو الزائدية أو الناقصيّة أو المربّعية أو المكعبية أو الصمم وسائر الأشكال التي لها فإذن لكل واحد من الأعداد حقيقة تخصّه وصورة تتصور منها في النفس وتلك الحقيقة وحدته التي بها هو ما هو. وليس العدد كثرة