لا تجتمع في وحدة حتّى يقال انّه مجموع آحاد فانّه من حيث هو مجموع هو واحد يحتمل خواصّ ليست لغيره. وليس بعجيب أن يكون الشيء واحدا من حيث له صورة ما كالعشرية مثلا أو الثلاثية وله كثرة فمن حيث العشرية ما هو بالخواص التي للعشرة ، وأمّا كثرته فليس له فيها إلا الخواص التي للكثرة المقابلة للوحدة؛ ولذلك فانّ العشرة لا تنقسم في العشرية إلى عشرتين لكل واحدة منهما خواص العشرية (ج ٢ ، ص ٤٤٩ ، ط ١).
ثمّ انّ صاحب الأسفار بعد إيراده المذكور على الوجه الثاني قال :
ولهم في هذا المسلك وجه آخر وهو أن نفرض الكلام في الأمور التي يستحيل عليها القسمة عقلا مثل الباري سبحانه والوحدة؛ وأيضا مثل البسائط التي يتألف منها المركّبات فإنّ الحقائق إذا كانت مركبة فلا بدّ فيها من البسائط ضرورة أنّ كل كثرة فالواحد فيها موجود؛ وحينئذ يقال : العلم المتعلق بها إن انقسم فإمّا أن يكون كل واحد من أجزائه علما ، أو لا يكون ، فإن لم يكن أجزاؤه علوما لم يكن العلم هو مجموع تلك الأجزاء بل الهيأة الحاصلة عند اجتماع تلك الأجزاء فكلامنا في تلك الهيأة وهو انّها لو انقسمت لكان لها أجزاء فإن كان أجزاء العلم علوما فلها متعلق فلا يخلو إما أن يكون متعلق كل واحد من تلك الأجزاء كل ذلك المعلوم أو أجزائه ، فإن كان كله لزم أن يكون جزء الشيء مساويا لكلّه من جميع الوجوه وذلك محال ، وإن كان بعض ذلك المعلوم فقد بيّنا أنّ هذه الحقائق لا بعض لها ولا جزء. قالوا هذا الوجه أحسن الوجوه المذكورة.
أقول : المسلك المذكور هو الوجه الثالث في بيان أنّ الصور العقلية يمتنع أن تحلّ شيئا منقسما من الجسم في المباحث المشرقية ، والأصل في ذلك كلام الشيخ في ذيل البرهان المذكور حيث قال : «وأيضا ليس كل معقول يمكن أن ينقسم إلى معقولات أبسط من ... إلخ» فما في المباحث والأسفار تحرير كلام الشيخ بعبارة أخرى. وكلام صاحب الأسفار في آخر المسلك المذكور : «قالوا هذا الوجه أحسن الوجوه المذكورة» ناظر إلى كلام الفخر في المباحث حيث قال : «وهذا الوجه أحسن الوجوه الثلاثة».