روحا لطيفة تنتشر في البدن كلّه ، وإما نارا. فإن كانت كذلك فلا يخلو تلك النار والروح من أن يكون لهما نوع خاصّى وقوة خاصيّة ، وذلك أنّه إن لم يكن لهما نوع خاصّى وقوة خاصيّة لكان إذن كلّ نار روحا ، أو كلّ روح نفسا. وإن كان لهما نوع خاصّى فذلك النوع هو النفس.
٥. وأيضا إن كانت النفس جسما لا يخلو جسم أن يكون إما بسيطا وإما مركّبا : فإن كانت جسما بسيطا فهي لا محالة نار أو ماء أو أرض أو هواء. وإن كانت النفس أحد هذه الأركان مجردا أعني بلا قوة ولا نوع خاصّي يفارق به ما شاركه في جنسه ، فإنّ كل ما هو من جنسه نفس ، فإن كانت النفس نارا كان كل نار نفسا ، وإن كانت هواء كان كل هواء نفسا ، وكذلك في باقي الأركان؛ فإن كان كذلك فكل جسم يحوى ذلك الأسطقس فهو متنفّس أعني أنه ذو نفس. فإن كان الهواء هو النفس كانت الرية والعروق الضوارب والزق المنفوخ حيوانا. وإن كانت النفس ماء كانت الآنية المملوة حيوانا ، وهذا من القول شنع قبيح. وإن كانت النفس جسما مركبا فالبدن إذن نفس ، فإذن النفس لا جسم. انتهى.
تبصرة : كتاب الفصل بين الروح والنفس وقوى النفس ومائية النفس تأليف الفيلسوف قسطا بن لوقا اليوناني معاصر الكندى وثابت بن قرّة ، قد صحّحناه وصدّرناه بمقدّمة ، ثمّ ادرجناه في كتابنا سرح العيون في شرح عيون مسائل النفس تجده في آخر شرح العين الحادية عشرة في الفرق بين الروح البخارى والروح الانسانى؛ والفيلسوف قسطا أراد أيضا في ذلك الكتاب المستطاب الفصل أي الفرق بين الروح البخارى والنفس الناطقة الانسانيّة.