بيان : الصور الهندسية في الرسالتين مبتدأ ، وغير متناهية خبر له ، فما جاء في نسخة الأهواني : «إذ للصور الهندسية والعددية ...» وهم بلا مراء ، كما أنّ عبارة الشيخ في رسالة السعادة كالنصّ على ذلك حيث وقع «الصور الهندسية» أوّل العبارة؛ على أنّ بياننا الآتى ذكره يزيح الدغدغة رأسا.
وكذا قد حرّره بتحرير آخر نافع جدّا في تقرير هذا البرهان في رسالته الأخرى ، وهي سبعة من المقاييس المنطقية على بقاء النفس الناطقة. وهذا البرهان في تلك الرسالة هو القياس الثالث منها ، قال :
القياس الثالث : العلوم الحقيقية التي يقبلها الإنسان لسعيها لا بدّ لها من محلّ جوهريّ الذات صالح لقبولها فالجبلّة الإنسانية تكون ذات جوهر صالح لقبول ما يقبله من علومه ، وليس يشكّ كلّما ازداد اقتناء للعلوم ازداد به اقتدارا على علومها فإذا الجوهر الصالح منه لقبول العلم يجب أن تكون قوته على قبوله غير متناهية ، وإذا كان هذا سوس القابل لعلمه ثمّ لم يشك أنّ القالب الجسدانى لا يجوز أن يكون ذا قوّة بقبول شيء من أعراض غير متناهية فإنّه في ذاته جسم ذو مقدار متناه ولن يجوز أن يكون ذو المقدار المتناهي ذا قوة متناهية لأنّ مقداره متى يوهم مضاعفا لحصلت نسبة القوّة إليه متناصفة ، فإذا القالب الجسدانى لن يجوز أن يكون محلا للعلوم فالقابل لها إذا يجب بأن يكون جوهرا غير جسمانى ، ولو كان غير جوهر لما كان محلا للعلوم ، ولو كان جسمانيا لكان قبوله للعلم إلى نهاية محدودة لا يجاوزها في القوّة حسب ما شوهد من الحال في قبوله للسواد والحرارة وليست النفس الناطقة في الحقيقة إلّا الجوهر الصالح لأن يكون محلا للعلوم ، فالجبلّة الإنسانية إذا وإن وجدت مشتملة عليها وعلى القالب فلن يجوز أن يكون نظيرا لذى القوّة المتناهية ، وانتقاض ذا القوّة لن يجوز أن يكون موهنا لذا القوّة المتناهية؛ ثمّ الفعل المختص بالجسم لن يعدو ذات الجسم ولن يجوز أن يوجد أعظم من الجسم وفعل النفس الناطقة قد ينفذ الأماكن البعيدة في الحالة الواحدة فقد يوجد كليا أبديا ، اللهم إلّا أن يظن ظانّ أنّها لو كانت ذات قوّة غير متناهية لاستصلحت طبع القالب دفعة لا في