للصور المتخيلة أيضا لا بدّ أن يكون مجرّدا عن هذا العالم. (ج ١ ، ص ٣١٧ ، ط ١).
ومراد صاحب الأسفار في هذا الفصل هو تجرّد النفس المثالى البرزخى الخيالى وهو التجرّد غير التام بالنسبة إلى تجرّدها التام العقلى.
واعلم أنّ الخيال يطلق على الحسّ المشترك ، وعلى خزانته وعلى المتصرفة والمراد هاهنا هو الأوسط والأخير منها كما نصّ به في نفس الأسفار حيث قال في الثانى من الباب العاشر : اعلم أنّ سعادة كلّ قوة بنيل ما هو مقتضى ذاتها من غير عائق وحصول كمالها من غير آفة ولا شك أنّ كمال كلّ شيء ما هو من باب نوعه وجنسه فكمال الشهوة هو حصول مشتهاها ، وكمال القوة الغضبيّة هو الغلبة والانتقام ـ إلى قوله : ـ وللخيال تصوّر المستحسنات وهي إما مثل المحسوسات المرتفعات إلى الخيال ، أو حكايات المعقولة المتنزلة إليه ويمكن ارادة الحس المشترك أيضا ، لأنّ المتصرفة تصوّر مثل المحسوسات في لوح الحسّ المشترك أيضا. على أنّ تلك القوى من شئون النفس والتجرّد الخيالى يوجب تجرّد المتصرفة والحس المشترك أيضا فافهم وتبصّر.
وقال صدر المتألهين بعد نقل الحجة المذكورة بالتقرير المذكور ما هذا لفظه :
وهي حجة برهانية قوية على ما نريده. لكن القوم زعموا أنّ هذه الحجة لبيان إثبات أنّ النفس من المفارقات العقلية ، وذلك غير ثابت بمثل هذه الحجّة ونظائرها. ولم أر في شيء من زبر الفلاسفة ما يدلّ على تحقيق هذا المطلب ، والقول بتجرّد الخيال والفرق بين تجرّدها عن هذا العالم وبين تجرّد العقل والمعقول عنها وعن هذا العالم جميعا ، وهذه من جملة ما آتانى اللّه وهدانى ربّى إليه أشكره كثيرا على هذه النعمة العظيمة ونحمده عليها.
أقول : قوله قدّس سرّه : «وهي حجة برهانية قوية على ما نريد» ، يعنى بقوله ما نريده تجرّد القوة الخيالية.
قوله : « وذلك غير ثابت بمثل هذه الحجة » ، إنّما قال بمثل هذه الحجة لأنّ الحجة مأخوذة فيها صور الأشياء ، والمعقولات مجرّدة عن الصور بذلك المعنى ، فلا تصلح