أمثال هذه الحجة إلّا لإثبات التجرّد البرزخى المثالى للخيال فقط فتبصّر.
قوله : « ولم أر في شيء من زبر الفلاسفة » إلخ. هذا كلام الناطق بالصواب كما أنّ زبره النورية سيّما الحكمة المتعالية المشتهرة بـ ـ الأسفار وهي بالنسبة إلى سائر كتبه أمّ الكتاب فاض من قلمه الشريف ، أصدق شاهد على قوله ذلك. وأنت ترى أنّ الفخر نقله في المباحث في عداد الأدلّة على تجرّد النفس من غير تفصيل في التجرّد بل زعم هو وغيره من الباحثين في الفلسفة الرائجة أنّ هذه الحجة لبيان إثبات أنّ النفس من المفارقات العقلية ، ولذلك الزعم اعترض على هذه الحجة بما أتى به صاحب الأسفار ثمّ أجاب عنه بما هو مذكور في الأسفار بعد نقل الحجة ونحن أعرضنا عن الإتيان بأكثر الاعتراضات الموردة على الحجج على تجرّد النفس لما كنّا بصدد نقل الأدلّة والايماء إلى حقائق لعلّ المتدبّر فيها يقدر على جواب الاعتراضات الواردة عليها؛ على أنّا نذكر مآخذ النقل مع جميع مشخّصاتها وبذلك يسهل الخطب على الفاحص الباحث. نعم نذكر بعضا منها مع جوابه إذا رأينا فيه مزيد فائدة وزيادة تبصرة في المقام.
قوله : وبين تجرّد العقل والمعقول عنها ، أي عن الصور الخيالية.
واعلم أن الفخر الرازى كان في العلم قائلا بالإضافة ومنشأ القول بذلك اضطرابه في فهم الحجج على تجرّد النفس ، وقصوره عن النيل بمسألة العلم. وعدّ بعض الاعتراضات إشكالا قويا جدّا حتى قال : ولم يظهر لى بعد عنه جواب يمكننى أذكره لزعمه أن الاعتراض مؤيد له في القول بالاضافة. فنذكر نموذجا من ذلك وهو ما أتى به من اعتراض وبعده من اضطراب في الجواب بعد نقله الحجة المذكورة بالتقرير المتقدم في المباحث فقال :
فإن قيل :
هذه الصور الخيالية لا بدّ وأن يكون لها امتداد في الجهات وذهاب في الأقطار وإلّا لم تكن صورا خيالية ، فإذا تخيلنا مربعا فلا بدّ وأن يتميز جانب من ذلك المربع من جانب آخر وإلّا لم يكن مربعا وذلك أنّما يكون إذا كان له شكل ووضع مخصوص فإذا حلّ هذا الشكل في النفس فإمّا أن تصير النفس مشكّلة بهذا الشكل حتى تصير