اعترض عليها نقدا وردّا كالفخر الرازى في المباحث وشرحه على الإشارات ، والدبيران الكاتبى في حكمة العين. والحق أنّ الاعتراض غير وارد ، والحجّة قائمة على أصلها الحكيم. وبعضهم بيّن مبانيها أتم تبيين وردّ النقد والاعتراض عليها على أحسن وجه عليه المشاء كالمحقق نصير الدين الطوسى في شرحه على الإشارات. وبعضهم أحكمها بتحقيقات رشيقة وإشارات عرشية كصدر المتألهين في الأسفار. وبعضهم لخّصها على غاية الجودة وحسن الجزالة إمّا نثرا كالمحقق الطوسى في التجريد ، وإمّا نظما ونثرا كالمتأله السبزوارى في الحكمة المنظومة ، ونقله في أسرار الحكم أيضا مترجما بالفارسية وهو البرهان التاسع فيه ولنا حول كلماتهم إيماضات وتوضيحات لعلّها تفيد زيادة استبصار في سبيل التحقيق فنقول : قال الشيخ في الإشارات :
زيادة تبصرة : لو كانت القوّة العقلية منطبعة في جسم من قلب أو دماغ لكانت دائمة التعقل له ، أو كانت لا تتعقله البتة : لأنّها أنّما تتعقل بحصول صورة المتعقّل لها ، فإن استأنفت تعقلا بعد ما لم يكن فيكون قد حصل لها صورة المتعقّل بعد ما لم تكن لها ، ولأنها مادية فيلزم أن يكون ما يحصل لها من صورة المتعلّق من مادّته موجودا في مادته أيضا ، ولأنّ حصوله متجدّد فهو غير الصورة التي لم تزل له في مادته لمادته بالعدد ، فيكون قد حصل في مادّة واحدة مكنوفة بأعراض بأعيانها صورتان لشيء واحد معا وقد سبق بيان فساد هذا ، فإذن هذه الصورة التي بها تصير القوة المتعقلة متعقّلة لآلتها تكون الصورة التي للشيء الذي فيه القوّة المتعقلة؛ والقوّة المتعقلة مقارنة لها دائما فإمّا أن تكون تلك المقارنة توجب التعقل دائما ، أو لا تحتمل التعقل أصلا وليس ولا واحد من الأمرين بصحيح.
بيان : الصواب أن نشرح كلام الشيخ المنقول من الإشارات شرحا مزجيا لكى لا يبقى إبهام في ما سيق له البرهان فنقول : لو كانت القوّة العقلية منطبعة في جسم من قلب ودماغ ـ إنّما اختصهما بالذكر لأنّها أشرف الأعضاء ، ولأنّ الخصم قائل بأنّ القوّة العاقلة منطبعة في الدماغ ـ لكانت القوّة العقلية دائمة التعقل لذلك الجسم ، أو كانت القوّة العقلية لا تتعقّل ذلك الجسم البتة ، وليس ولا واحد من الأمرين بصحيح وذلك لأنّ