العاقلة تعقل أعضائها منها ذلك الجسم ، في وقت دون وقت. وذلك لأنّ القوّة العقلية أنّما تتعقل بحصول صورة المتعقّل لتلك القوّة العقلية لأنّ الإدراك أنّما يكون بمقارنة صورة المدرك بالفتح للمدرك بالكسر. فإن استأنفت وتجدّدت القوّة العقلية تعقلا بعد ما لم يكن ذلك التعقل فيكون قد حصل للقوّة العقلية صورة المتعقّل بالفتح بعد ما لم تكن صورة المتعقل للقوّة العقلية؛ ولأنّ القوّة العقلية مادّية بالفرض والأمور المادية أي الجسمانية لا يمكن أن تكون فاعلة إلّا بواسطة أجسامها التي هي موضوعاتها فاذن تلك الأجسام آلاتها في أفعالها ، فيلزم أن يكون ما يحصل للقوّة العاقلة من صورة المتعقّل بالفتح التي هي صورة المتعقل من مادته التي هي محل تلك الصورة المتعقلة موجودا في مادته أيضا ، فقوله من مادته متعلق بالمتعقّل ، وذلك لأنّ المدرك على ممشى المشاء إن كان مدركا بذاته كانت المقارنة بحصول الصورة في ذاته ، وإن كان مدركا بآلة كانت بحصولها في آلته والمفروض هاهنا الشق الثاني أي القوّة العقلية مدركة بالآلة؛ ولأنّ حصول ما يحصل للقوّة العقلية من صورة المتعقّل من مادته متجدد فهو أي ذلك الحصول المتجدد الذي هو صورة المتعقل غير الصورة التي لم تزل أي مستمرة له في مادة ما يحصل لمادته بالعدد أي غير الصورة لمادته بالعدد فقوله لمادته متعلق بالصورة ، وقوله بالعدد متعلق بالغير.
قوله : «ولأنّ حصوله متجدد» في غير واحدة من نسخ مخطوطة من الإشارات عندنا جاءت العبارة هكذا : «ولأنّ حصولها متجدد» فعلى الأوّل يرجع الضمير إلى ما ، وعلى الثانى إلى صورة المتعقل ، وصورة المتعقل هو بيان ما فمآل الضميرين واحد؛ فيكون قد حصل في مادة واحدة هي الآلة أي محل القوّة العقلية من قلب أو دماغ ، مكنوفة بأعراض بأعيانها صورتان متغايرتان لشيء واحد. والشيء الواحد هو محل القوّة العقلية ، والصورتان إحداهما صورة الآلة المتجددة عند التعقل ، والأخرى صورة تلك الآلة المستمرّة الوجود حالتى التعقل وعدمه ، والحال أنّ الأمور المتحدة بالماهية لا تتغاير إلّا بسبب اقترانها بأمور متغايرة : إمّا مادية كتغاير الأشخاص المتفقة بالنوع ، أو غير مادية كتغاير الأنواع المتفقة بالجنس ، أو بسبب اقتران البعض بشيء وتجرّد البعض