عنه وذلك الشيء إمّا مادىّ وهو كتغاير الإنسان الجزئى للإنسان من حيث هو طبيعة ، أو غير مادى كتغاير الإنسان الكلّى للإنسان من حيث هو طبيعة؛ ويتبين من ذلك امتناع تغاير الأشخاص المتفقة بالنوع كتغاير صورتى الآلة المذكورتين من غير تغاير الموادّ وما يجرى مجريها على ما تبيّن في الفصل التاسع عشر من النمط الرابع حيث قال : فائدة اعلم من هذا أنّ الأشياء التي لها حدّ نوعى واحد فإنّما تختلف بعلل أخرى إلخ. وإليه أشار الشيخ بقوله : وقد سبق بيان فساد هذا. فاذن هذه الصورة التي بها تصير القوّة المتعقّلة متعقّلة لآلتها ومحلّها تكون الصورة التي للشيء الذي فيه القوّة المتعقّلة وذلك الشيء هو ذلك المحل والآلة من قلب أو دماغ؛ والقوّة العاقلة أي المتعقلة مقارنة لها أي لتلك الصورة دائما فإنّ المفروض أنّ العاقلة كانت عاقلة لآلتها بالصورة المستمرّة الوجود معها ، فحينئذ إمّا أن تكون تلك المقارنة توجب التعقل دائما أي تعقل القوّة العقلية آلتها التي هي محلها من قلب أو دماغ دائما ، أو لا تحتمل التعقل أصلا ، وليس ولا واحد من الأمرين بصحيح وذلك لأنّ القوّة العاقلة تعقل أعضائها ومنها القلب والدماغ في وقت دون وقت فكون العاقلة منطبعة في جسم كالقلب والدماغ باطل فإذن هي مجرّدة عن المادة وأحكامها.
وجملة الأمر أن يسأل الخصم عن القوّة العاقلة هل هي مجرّدة عن الجسم والجسمانيات ، أم ماديّة؟ فإن كانت مجرّدة فهو المراد ، وإن لم تكن مجرّدة فهي مادية منطبعة في جسم فنقول : لو كانت القوّة العاقلة منطبعة في جسم لكانت هي إمّا دائمة التعقل لذلك الجسم ، أو غير متعقلة له في وقت من الأوقات ، وليس ولا واحد من الأمرين بصحيح بالحجة المذكورة فالحجة استثنائية من متصلة مؤلفة من حملية ومنفصلة حقيقية. والحملية هي قوله : «لو كانت القوّة العاقلة منطبعة في جسم» ؛ والمنفصلة هي قوله : «لكانت هي إمّا دائمة التعقل لذلك الجسم أو غير متعقلة له في وقت من الأوقات». فقوله : «ليس ولا واحد من الأمرين بصحيح» استثناء لنقيض التالى بفساد قسمى المنفصلة معا ، وهو كون الإنسان متعقلا لأعضائه في وقت دون وقت. هذا تقرير ما في الإشارات من الحجة المذكورة وشرحها بما استفدنا من شرح المحقق