والواسطة متحققة في الواقع فالتالى باطل (ص ٣٠٣ ، ط ١).
ثمّ أورد مثل الكاتبى والفخر الرازى على هذا البرهان العظيم بعض الشكوك ، أجاب عنها المحقق الطوسى وصاحب الأسفار. على أنّ لصاحب الأسفار بعض التحقيقات العرشية في المقام. ولنا تعليقات إيضاحية على كلماتهم. فنأتى بها مزيدا للاستبصار وحسما لمادة تلك الشكوك الداحضة فنقول :
نقل الكاتبى في حكمة العين خمس أدلة على تجرّد النفس وهذا البرهان من الشفاء خامسها ، ثمّ شرع في الاعتراض عليها. وقال العلّامة الحلّي في شرحه عليها ما هذا لفظه : «لما ذكر البراهين المنقولة عن القدماء شرع في الاعتراض عليها ...».
أقول : الظاهر من كلامه يستفاد أنّ البرهان المذكور من أوائل الحكماء الذين كانوا قبل الإسلام إلّا أنّ الشيخ ذكره في الشفاء بتحرير آخر.
والكاتبى حرّر البرهان بقوله :
الخامس أنّ القوّة العاقلة لو كانت جسمانية لكانت حالّة في جزء من البدن ، وهو محال وإلّا لكانت دائمة التعقل له ، أو دائمة اللاتعقل ، لأن صورة ذلك الجزء إن كانت كافية في تعقلها إيّام لزم الامر الأوّل ، وإلّا لتوقّف إيّاه على حصول أخرى في مادته ، لكن حصول تلك الصورة ممتنع لامتناع حصول صورتين مختلفتين في مادة واحدة فيلزم الأمر الثاني ، فعلم أنّ القوّة العقلية مجرّدة عن المادة لكن لها حاجة إلى البدن وإلّا لما تعلّقت به.
ثمّ شرع في الاعتراض عليه بقول :
وأمّا الخامس فلا نسلّم أنّ صورة ذلك العضو إن لم تكن كافية في إدراك القوّة العاقلة إيّاه ، توقف الإدراك على صورة أخرى حتى يمتنع اجتماعهما في تلك المادة ، بل اللازم حينئذ توقف الإدراك على شيء آخر فيجوز أن يكون ذلك الشيء أمرا يجوز اجتماعه مع صورة ذلك العضو فيه. انتهى.
تقرير الاعتراض أن نقول : لم لا يجوز أن لا يكفى صورة العضو الذي جعل محلا للقوّة العقلية في تعقّل ذلك العضو؟