وأمّا الفصل الثانى فقد أثبت فيه تجرّدها من حيث كلال آلاتها وعدم كلالها في فعلها أي في إدراكها وتعقلها فأين أحدهما من الآخر.
ثمّ قال محقق الإشارات في شرح الفصل الثانى المذكور :
قوله : إذا كانت النفس الناطقة قد استفادت ملكة الاتصال بالعقل الفعال لم يضرّها فقدان الآلات ، تكرار لما سلف.
وأقول : ليس هذا بتكرار بل هو حكم فارد ، ونتيجة واحدة يستفاد من جميع أدلة تجرّد النفس فإنّ أدلّة التجرّد كلّها ناطقة بأنّ هذا الجوهر البسيط لا يضرّها فقدان الآلات.
وبالجملة لا يصح الارتياب في كون أدلّة تجرّدها تجرّدا عقليا تنتهى في النمط السابع من الإرشاد إلى خمسة فعليك بالرجوع إليه والتوغل فيه.
قوله : «التجربة والقياس» يعنى بالقياس البرهان كما نطق به غير مرّة.
قوله : «فلأنّ تلك الأفاعيل لا تصدر عن قواها إلّا مع انفعال لموضوعات تلك القوى» الموضوعات أوّلا هي الروح البخارى المصبوب في محالّه.
وقوله : «وإن كان مقتضى طبيعة القوّة» دفع دخل مقدر وهو أن يقال إذا كان الفعل مقتضى طبيعة القوّة ومناسبا لها وملائما لها فكيف يوجب وهنها وكلالها؟ فدفعه بقوله : الفعل وإن كان مقتضى طبيعة القوّة لكنه لا يكون مقتضى طبائع العناصر.
وقوله : «لبساطة جوهرها» اى ليست بمركبة من العناصر فإنّ الفساد يعرض ما هو مركب من العناصر ، فالجوهر البسيط كالنفس لن يفسد. وقولهم الممكن زوج تركيبى من وجود وماهية لا يكون نحو هذا التركيب الذي يعرض له الفساد فإنّ ذلك التركيب تحليل عقلى في وعاء الذهن.
قوله : «واعتراض الفاضل الشارح» يعنى به الفخر الرازى قد شرح الإشارات قبل المحقق الطوسى وقال المحقق في أوّل ديباجة شرحه على منطق الإشارات بعد ما وصف الفخر الرازى بشرحه الإشارات : إنّه بتلك المساعى لم يزده إلا قدحا ، ولذلك سمّى بعض الظرفاء شرحه جرحا.