برهان ثالث وأيضا فإنّ أجزاء البدن إلخ. وعبارات النجاة تحاكى عبارات الشفاء أيضا إلّا في بعض العبارات على تغيير يسير ففي النجاة : وأيضا فإنّ البدن تأخذ أجزاؤه كلّها تضعف قواها ... وهذه القوة أنّما تقوى بعد ذلك ... فليست إذا من القوى البدنية.
وهو الحجة الأولى من النمط السابع من الإشارات على تجرّدها وإن كان ما في الإشارات أعمّ شمولا من الشفاء.
وهذا البرهان هو الحجة السادسة من معتبر أبى البركات على كون النفس جوهرا غير جسمانى (ج ٢ ، ص ٣٥٨ ، ط ١) قال :
أمّا الذين قالوا انّها من الجواهر التي وجودها لا في موضوع لكنها ليست بجسم فاحتجوا على ذلك ... وبأنّ الأبدان وقواها تضعف إذا جاوزت في قوتها ونموّها أشدّها ومنتهاها ، وتأخذ بعد بلوغ الغاية في الذبول والانحطاط ، والنفس الناطقة تقوى حينئذ في كثير من الناس أولا تضعف مع ما يضعف من القوى فليست بجسمانية مثلها.
ثمّ اعترض على حجيتها. ويأتى نقل الاعتراض وردّه.
وهو الدليل السادس من المباحث المشرقية للفخر الرازى : لو كانت القوّة العاقلة جسدانية لضعفت في زمان الشيخوخة دائما إلخ (ج ٢ ، ص ٣٦٦ ، ط ١). ثمّ أخذ في الاعتراض عليه بما سنتلوه عليك مع ردّه.
وهو الوجه السادس في تجرّد جوهر النفس من تجريد الاعتقاد للمحقق الطوسى قوله : «وهي جوهر مجرّد ... ولانتفاء التبعية قال الشارح العلامة الحلى في كشف المراد :
الذي فهمناه من هذا الكلام أنّ هذا وجه آخر دال على تجرّد النفس ، وتقريره : أنّ القوّة المنطبعة في الجسم تضعف بضعف ذلك الجسم الذي هو شرط فيها ، والنفس بالضد من ذلك فإنّها حال ضعف الجسم كما في وقت الشيخوخة تقوى وتكثر تعقلاتها ، فلو كانت جسمانية لضعفت بضعف محلّها وليس كذلك ، فلمّا انتفت تبعية النفس للجسم في حال ضعفه دلّ ذلك على أنّها ليست جسمانية. (كشف المراد ،