ليس قوام القوّة النطقية بالجسم والآلة فإذن هي جوهر قائم بذاته وذلك ما أردنا بيانه. (رسائل الشيخ الرئيس ، ص ٧١ ، ط مصر ، سنة ١٣٢٥ ه بتصحيح ادور فنديك وص ١٧٥ من أربع رسائل نفسية للشيخ بتصحيح الأهواني ، ط مصر ، ١٣٧١ هـ).
وهذا البرهان ذكره ابن مسكويه (ابو على احمد بن محمد بن يعقوب بن مسكويه الخازن الرازى معاصر الشيخ الرئيس) في صدر كتاب طهارة الأعراق وقد نقلناه وبيّناه بالفارسية في الدرس السادس والخمسين من كتابنا دروس معرفة النفس (ص ١٧٥ ـ ١٧٨ ، ط ١).
اعلم أنّ أهم ما ينبغى أن يذكر حول هذا البرهان هو ما في المباحث المشرقية من التقرير والاعتراض أوّلا ، ثمّ ما في الأسفار ثانيا فإنّ صاحب الأسفار ناظر في كلماته إلى ما في المباحث ، وبعد ردّ اعتراضاته تصدّى لتحقيق تفرد هو به في الحكمة المتعالية ، ثمّ نزيد عليهما بما لنا من التعليقات الإيضاحيّة في بيان بعض عباراتهما في المقام ، قال في المباحث :
الدليل السادس ، لو كانت القوّة العاقلة جسدانية لضعفت في زمان الشيخوخة دائما ، لكنّها لا تضعف في زمان الشيخوخة دائما ، فهي غير جسدانية. ويصحّح نقيض التالي بقياس من الشكل الثالث هكذا : كل ما يعقل به الشيخ الأشياء فهو قوّة عاقلة ، وليس كل ما يعقل به الشيخ الأشياء فإنّه يكلّ عند الشيخوخة ، فليس كل قوّة عاقلة تكلّ عند الشيخوخة.
واعلم أنّه ليس من الواجب في صحّة ما قلنا أن لا يكون عقل شيخ يكل بل إذا كان عقل ما لم يكل في الشيخوخة وإن كان سائر العقول يكلّ فالمطلوب قد صح ، فإنّه إن كانت النفس محتاجة في ذاتها إلى البدن كان اختلال البدن موجبا لاختلال النفس لا محالة فحينئذ يستحيل أن يختل البدن وتكون النفس سليمة ، أمّا إذا كانت النفس غنية في ذاتها عن البدن لا يلزم أن تختل أفعال النفس عند اختلال البدن. نعم قد يجوز أن يكون اشتغالها بتدبير البدن عند اختلاله يعوقها عن سائر أفعالها ، وذلك مثل ما يعرض للفارس الراكب فرسا ردىّ الحركات فإنّه يصير اشتغاله بمراعات مركبه