مانعا له عن أفعاله الخاصّة به وليس صدورها عنه بشركة الفرس. ويجوز أن يكون الفعل الذي ليس بالشركة موقوفا على الفعل الذي بالشركة مثل انّه قد يحتاج في اكتساب المعقولات في أوّل الأمر إلى تخيلات تتصرف فيها النفس تصرفا سنذكره فإذا عاقت عن استعمال التخيلات آفة في أعضاء التخيل كلّت القوّة العاقلة عن أفعالها فالشيخ إذا عرض له الانصراف عن المعقولات فالسبب فيه أنه قد شغل عن أفعاله الخاصة أو عرضت الآفة لشيء ربما احتاج إليه في هذه الأفعال لا لأنّ جوهر نفسه قد ضعف ، فانّ الشيخ لو أعطى عينا كعين الشاب في المزاج لكان حسّه مثل حسّ الشابّ بل الشيخوخة ضعف في الآلات البدنية يشبه حال السكر والإغماء.
فإن قيل الشيخ لعلّه أنّما يمكنه أن يستمرّ في أفعال عقله على الصحة لأنّ عقله يتمّ بعضو من البدن يتأخّر إليه الفساد والاستحالة إن ظهرت الآفة في سائر القوى والأفعال.
فنقول : الأعضاء الطرفية أنّما يلحقها الضعف والفساد لضعف يسبق إلى المبادي ، ولو كانت المبادي صحيحة لانحفظت الأطراف ولم تسقط قواها فكان الحال فيها كالحال في الشباب فيظهر من هذا أنّه لا كبد الشيخ ولا دماغه ولا قلبه على الحال الصحيحة أو القريبة من الصحيحة ، ولذلك يجد في نبضه وبوله وأفعال دماغه تفاوتا عظيما.
فإن قيل إنّ بعض الأمزجة أوفق لبعض القوى فلعلّ مزاج المشايخ أوفق للقوّة العقلية فلهذا تقوى فيه هذه.
فنقول : مزاج المشايخ إمّا برد ويبس ، وإمّا ضعف ، وكل واحد منهما قد يوجد قبل الشيب ولا يكون لصاحبه مزيد استعداد. وأيضا فليس كل شيخ هو أقوى من الشباب ، وليس الدليل مبينا على أنّ الغالب في المشايخ كمال العقل بل على أنّه لو كانت القوّة العقلية قائمة بالبدن لاستحال أن لا تضعف عند ضعف البدن ، وقد نجد واحدا ليس كذلك فالمقدم مسلوب على أنّ ضعف البنية ليس يكون ملائما لما يقوم بالبنية بل لعلة تلائم ما لا يقوم بالبنية.
فإن قيل الشيخ تخيله وتذكره وحفظه محفوظة ليست دون حال عقله مع أنّ هذه