ولكن ليس يعرض هذا الكلال بل كثيرا ما تكون القوى الحسيّة والحركيّة في طريق الانحلال والقوّة العقليّة إمّا ثابتة ، وإمّا في طريق النموّ والازدياد. وليس إذا كان يعرض لها مع كلال الآلة كلال يجب أن لا يكون لها فعل بنفسها وذلك لأنك علمت أنّ استثناء عين التالى لا ينتج. وأزيدك بيانا فأقول : إن الشيء قد يعرض له من غيره ما يشغله عن فعل نفسه ، فليس ذلك دليلا على أنّه لا فعل له في نفسه ، وأمّا إذا وجد قد لا يشغله غيره ولا يحتاج إليه فدلّ على أنّ له فعلا بنفسه. انتهى كلام الشيخ (رضوان اللّه تعالى عليه).
بيان : قوله : «قد استفادت ملكة الاتصال».
أقول : تحقيق البحث عن ذلك وتنقيبه يطلب في شرح العين الثامنة والعشرين من كتابنا سرح العيون في شرح العيون.
وقوله : «ويعرض للقوّة كلال» يعنى بالقوّة القوّة العاقلة قد عبّر عنها بالقوّة العقلية أيضا. وقوله : «لأنّك علمت أنّ استثناء ...» يعنى علمت في منطق كتاب الإشارات. واستثناء عين التالى في المقام بأن يقال : لكن قد يعرض لها كلال حينما يعرض للآلة كلال؛ أو نحوها من عبارات أخرى تفيد هذا المعنى.
وقوله : «إنّ الشيء قد يعرض إلخ». الشيء المبحوث عنه هاهنا هو النفس الناطقة كما قال في صدر كلامه : إذا كانت النفس الناطقة؛ وإن شئت قلت هو القوّة العاقلة أو القوّة العقلية. والمراد بالغير هو الآلة البدنية. والمقصود عن فعل نفسه هو التعقل فإنّه فعل الشيء أى فعل النفس الناطقة. وضمير إذا وجد يرجع إلى ذلك الفعل. وضمير إليه في قوله «ولا يحتاج إليه» يرجع إلى غيره في قوله «قد لا يشغله غيره» ، والغير كما قلنا هو الآلة الجسمانية الجسدية.
وأمّا ما أفاده المحقق الطوسى في الشرح فهو قوله :
التبصرة جعل غير البصير كالأعمى بصيرا ، والتنبيه جعل غير اليقظان كالنائم يقظان؛ ففي تسمية هذا الفصل بالتبصرة دون التنبيه تعريض بأنّ البحث المذكور فيه أوضح من الأبحاث المذكورة في الفصول الموسومة بالتنبيهات لأنّ المبالغة عند حثّ الغافل