والغضب يصرف عن الخوف. والسبب في جميع ذلك واحد وهو انصراف النفس بالكلية إلى أمر واحد. فبيّن من هذا أنّه ليس يجب إذا لم يفعل شيء فعله عند اشتغاله بشيء أن لا يكون فاعلا فعله إلّا عند وجود ذلك الشيء المشتغل به.
ولنا أن نتوسع في بيان هذا الباب ، إلّا الإمعان في المطلوب بعد بلوغ الكفاية منسوب إلى التكلّف لما لا يحتاج إليه.
فقد ظهر من أصولنا التي قرّرنا أنّ النفس ليست منطبعة في البدن ، ولا قائمة به ، فيجب اختصاصها به على سبيل مقتضى هيئة فيها جزئية جاذبة إلى الاشتغال بسياسة البدن الجزئى بعناية ذاتية مختصة به صارت النفس عليها كما وجدت مع وجود بدنها الخاصّ بهيئته ومزاجه.
انتهى كلام الشيخ في ما أتى به في ذيل ذلك الفصل بتمامه من إثبات أنّ قوام النفس الناطقة غير منطبع في مادة جسمانية. وعباراته في النجاة قريبة من الشفاء ، والتفاوت يسير جدا لا حاجة إلى نقلها إلّا أنّ عبارته في صدر السؤال في النجاة جاءت هكذا :
... فظن غير ضرورى ولاحق ، وذلك أنّه بعد ما صحّ لنا أنّ النفس تعقل بذاتها يجب أن نطلب العلة في هذا العارض المشكك فإن كان يمكن أن يجتمع أنّ للنفس فعلا بذاتها وانّها تترك فعلها مع مرض البدن ولا تفعل من غير تناقض فليس لهذا الاعتراض اعتبار إلخ.
قوله : «فلا تفعل حينئذ فعلها وتصرف عنه» أى تصرف عن فعلها.
وقوله : «ويستمرّ القولان من غير تناقض». عدم التناقض من حيث إن أحدهما ذاتي والآخر عرضى. وقوله : «وشواغله من جهة البدن الإحساس ...». شواغله مبتداء ، والإحساس إلى قوله : «الوجع» خبر له.
قوله : «إلّا أن تغلب هي النفس» ضمير هي راجع إلى كلمات الإحساس وما يتلوه إلى الوجع. وقوله : «أصاب آلة العقل أو ذاتها آفة بوجه» كلمة آفة مرفوع فاعل لفعل أصاب ، وآلة العقل وكذا ذاتها منصوبة على المفعولية. وقوله : «إذا عرض أن تعطلت»