جملة أن تعطّلت فاعل لفعل عرض. وقوله : «بل تكثر أفعال جهة واحدة قد يوجب ذلك» قد يوجب خبر للتكثر. والمراد من جهة واحدة أن تكثر أفعال يقع في جهة واحدة. وقوله : «على سبيل مقتضى هيئة فيها» تلك الهيأة في النفس كتصور كمال واستكمال. وقوله : «كما وجدت مع وجود بدنها» أى من أوّل وجودها.
وأمّا أنّ جوابه عن السؤال المذكور يتضمّن برهانا آخر على تجرّد النفس ، فذلك لمكان قوله : «ولو كانت الملكة العقلية المكتسبة قد بطلت إلخ». وقد حرّره على التفصيل والتبيين في رسالة السعادة والحجج العشر بقوله :
الحجة التاسعة ، لو كان العلم عرضا حالا في الجسم لوجب من ذلك أنّه متى زال عنه بنسيان أو غيره أن يعود لا كما حصل أوّلا ، إذ فراغ الجسم القابل في الحالتين بمرتبة واحدة ولكنا نرى المرء يعرض له ما يزيل عنه الصورة المعلومة ثمّ إذا رؤيت عادت بغير حاجة إلى استئناف الجسد فتبيّن أنّ محل العلوم ليس بجسم بل هو جوهر غير جسمانى ولا يلزم هذا على الجوهر الذي نصفه نحن فإنّ هذا الجوهر إذا ليس بجسماني فليس بمحال أن تتزاحم الأمور عليه والصورة المعلومة فيه وانّه ربما تزول عنه هذه الأسباب لا قباله على تصور شيء من الأمور العاجلة البدنية عند مرض أو شغل قلب لم يعرض له ولا تزول عنه هذه الصورة المستحفظة في ذاته على الإطلاق لأجل أنّه روحانى النسج بل يكون في ذات بنوع قوّة لا كقوّة الصبىّ على الكتابة بل كقوة الكاتب الممنوع أو الممسك عن الكتابة ، ثمّ إذا أردنا إشغاله عنها عاود بنوع فعلى بتلك الصورة المستحفظة مهما أراد. وأما الجسم فلا يمكن عليه تزاحم صوّر مختلفة مدركة ولا استحفاظها بوجه من الوجوه ألا ترى أن الحواس لا يمكن أن تستحفظ في ذاتها صورة وتقبل أخرى لأنّ الجسم ما لم ينحلّ عن إحدى الصورتين لم تحلّ المبائنة فيه ، ولا معاودته للصورة وقبولها بنوع فعلى بل بنوع انفعالى فإذا لا يتقرر هذا القدر فاذا ليس هذا الجوهر المذكور بجسم ولا قوة جسمانية لأنها إن احتاجت إلى وقوع الصورة لتعلّقها فالمسألة قائمة ، وان كفت بذاتها فليست بجسمانية بل هو الجوهر الذي في الجسم نصف وذلك ما أردنا أن نبيّن.» انتهى