والآخر : «قلب المؤمن عرش اللّه الأعظم» فتدبّر.
قال صدر المتألّهين قدّس سرّه في الأسفار : «إنّ النفس الإنسانية ليس لها مقام معلوم في الهوية ، ولا لها درجة معينة في الوجود كسائر الموجودات الطبيعية والنفسيّة والعقلية التي كل لها مقام معلوم؛ بل النفس الإنسانية ذات مقامات ودرجات متفاوتة ، ولها نشئات سابقة ولا حقة ، ولها في كل مقام وعالم صورة أخرى كما قيل :
لقد صار قلبى قابلا كل صورة |
|
فمرعى لغزلان وديرا لرهبان ... |
(أوّل الفصل الثالث من الباب الرابع من كتاب النفس ، ج ٤ ، ص ٨٣ ، ط ١).
ولنا تعليقة في المقام على الأسفار بهذه الصورة : قوله قدّس سرّه : «ليس لها مقام معلوم في الهويّة ...» أى ليس لها بحسب الوجود حدّ تقف عنده ، ويعبّر عن هذا المعنى بأنّ النفس لها مقام فوق التجرّد ، قال المتأله السبزوارى :
وانّها بحت وجود ظلّ حق |
|
عندى وذا فوق التجرّد انطلق |
فتدبر قوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) الآية (الكهف ١١٠) ، وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) الآية (لقمان ٢٨) ، والقرآن مأدبة اللّه وما على تلك المأدبة الإلهيّة وهي غير متناهية ، طعامك فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ فذاتك ظرف يتسع ما على تلك المأدبة ، وقال قدوة الموحّدين مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام : «كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلّا وعاء العلم فإنّه يتّسع» ، وهذه كلّها تدل على أنّ النفس ليس لها مقام معلوم في الهوية ، وقد قال الأمير عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد : «اعلم أنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن اقرأ وارق» (الوافي ، ج ١٤ ، ص ٥٦ ، ط ١ ، من يه) فافهم. ثمّ إنّ للنفس نشئات سابقة بنحو الجمع ، ونشئات لا حقة بنحو الفرق. والبيت من ترجمان الأشواق للشيخ الأكبر (ص ٤٣ من طبع بيروت) وبعده :
وبيت لأوثان وكعبة طائف |
|
وألواح توراة ومصحف قرآن |
وقد أجاد الشيخ الإشراقى السهروردى في الهيكل الثانى من هياكله في بيان تجرّد النفس الناطقة ، وبيان فوق مقام تجرّدها بقوله القويم :