في ملكه ، فهي عنده لك سبب وله عندك وديعة ، فإذا أخذت مالك عنده أخذ ماله عندك ، والسلام.
ثمّ قال البسط : «ومن هاهنا أخذ ابن سينا فقال :
هبطت إليك من المحلّ الأرفع |
|
ورقاء ذات تعزّز وتمنّع ؛ الأبيات» |
وأفاد صاحب بيان السعادة في تفسير تلك الكريمة أعنى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ...) بقوله :
أي الروح التي بها الحياة الإنسانيّة فإنّ الروح تطلق على البخار المتكوّن في القلب المنتشر في البدن بواسطة الشرايين وتسمّى روحا حيوانيّة؛ وعلى البخار المتصاعد من القلب إلى الدماغ فتعتدل ببرودته وتسمّى روحا نفسانيّة؛ وعلى التي بها حياة الحيوان وتسمّى نفسا حيوانية ، وعلى التي بها حياة الإنسان وتسمّى نفسا ناطقة وهذه هي مراد السائلين لأنّها المدركة لهم بالآثار دون سابقتها فإنّها مختفية تحت شعاع نفس الإنسان؛ وتطلق على طبقة من الملائكة وتسمّى في لسان الإشراق بأرباب الأنواع وفي لسان الشرع بالصّافات صفّا؛ وعلى ملك أعظم من جميع الملائكة ، وله بعدد كل إنسان وجه وهو ربّ نوع الإنسان ، وله الرئاسة والإحاطة على جميع الأنواع وأربابها ، وهو مع كل أفراد الإنسان وليسوا معه ، وما ورد في بيان الروح أنّها ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع محمّد صلّى اللّه عليه وآله ثمّ مع الأئمة إشارة إلى هذا المعنى. ومعنى كونه مع محمّد صلّى اللّه عليه وآله دون سائر الأنبياء عليهم السّلام أنّ معيّته مع محمّد صلّى اللّه عليه وآله معه وإلّا فهو مع كل أفراد الإنسان بل مع كلّ ذرات العالم ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي إشارة إلى تلك الروح فإنّ الروح المنفوخة في آدم عليه السّلام ظل تلك الروح.
ولمّا كانت الروح المسئول عنها أمرا مجرّدا معقولا لا يدركه إلّا ذو والعقول وكان السائلون أهل الحس لا يتجاوز إدراكهم المحسوسات أمره صلّى اللّه عليه وآله بالإجمال في الجواب فقال : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي أى ناشئة من أمر ربّى من غير سبق استعداد مادّة حتى تكون محسوسة فتدركونها بالحواس الظاهرة أو الباطنة ، أو من عالم أمره ولا يصل إدراككم إليه ، ولذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) منكم أو قليلا من