ثمّ قال صاحب الأسفار بعد نقل المجيب عن السؤال الثانى ما هذا لفظه :
أقول : الحقّ أنّ الطبيعة النوعية التي للعقل الفعال لا يمكن تعدد أشخاصها لا في الخارج ولا في الذهن إذ البرهان قائم على أنّ نوعا واحدا من الجواهر المفارقة منحصر في شخصه ، وتشخص العقول من لوازم نوعياتها ، ولو تعددت أفراد ماهية واحدة لكان امتياز كل من تلك الأفراد بعرض غير لازم للطبيعة ، والعرض الغير اللازم للنوع يحتاج عروضه إلى فاعل منفصل الذات ، وقابل ذى تجدد وانفعال فلم يكن المفارق مفارقا هذا خلف. فالأولى في الجواب أن يقال : الحاصل في نفوسنا من تلك الحقائق البسيطة ليس كنه حقيقتها بل مفهومات عامة كمفهوم الجوهر المفارق ومفهوم العقل أو غير ذلك. انتهى.
وأقول : كلام الشيخ في الموضعين من المباحث هكذا (ص ١٣٥ و ١٩٣ ، ط مصر) :
الحاصل فيك من العقل الفعال هو حقيقة العقل الفعال من جهة النوع والطبيعة وإن كان ليس من جهة الشخص لأنّ أحدهما بحال ليس الآخر بتلك الحال والمعقول من حقيقتك لا يفارق حقيقتك في النوع والطبيعة ولا يفارقه بالأشياء التي له وليست له فلا يفارقه بالشخص أيضا فيكون هو هو بالشخص كما كان هو هو بالنوع ، وكان العقل الفعال وما يعقل منه هو هو في المعنى والنوع ، وليس هو هو بالشخص لأنّ هذا يقارنه ما لا يقارن ذلك ويفارقه ما لا يفارقه ذلك. انتهى كلامه.
وهذا تحقيق أنيق لا يعتريه ريب ولا يشوبه عيب ، وكلام صاحب الأسفار غير وارد عليه فتدبر. ثمّ انّ الشيخ لم يدع أنّ كنه الحقائق البسيطة المفارقة حاصل للمدرك؛ وجواب صاحب الأسفار حيث قال بأنّ مفهومات عامة منها حاصلة للمدرك ليس كما ينبغى ، بل الأمر أشمخ من هذا ويجب الفرق بين الحصول الفكرى وبين الشهودي ولكل واحد منهما مراتب من الإدراك.
قال السائل : فإذا ارتسم في عقلنا صورة مساوية لماهية الإله ، فتكون ماهية الإله تعالى مقولة على كثيرين.
قال المجيب : البرهان أنّما قام على أنّ تلك الماهية غير مقولة على كثيرين في