لذاتك بخصوصها بل يكون جسم ما يحسّ بشيء غيره كما تحسّ بيدك ورجلك. وإن كانت نفسك قائمة بذلك الجسم فذلك الجسم حصلت فيه نفسك وحصلت فيه تلك القوّة الشاعرة بنفسك فتلك النفس وتلك القوّة وجودهما لغيرهما ، ولا تكون النفس بتلك القوّة تدرك ذاتها لأن ماهية القوّة وجودهما لغيرهما ولا تكون النفس بتلك القوّة تدرك ذاتها لأن ماهية القوّة والنفس معا لغيرهما وهو ذلك الجسم.
قال السائل تقريرا لهذا البحث : لم لا يجوز أن يكون إدراكي لذاتي بحصول ذاتي في شيء نسبته إلى ذاتي كنسبته المرآة إلى البصر؟.
قال المجيب : الذي يتوسط فيه المرآة إن سلم أنّه مصور في المرآة فيحتاج مرة ثانية أن يتصور في الحدقة فكذلك هاهنا لا بدّ وأن ينطبع صورة ذاتنا مرّة أخرى في ذاتنا.
قال السائل : لم لا يجوز أن يكون إدراكي لذاتي بحصول صورة أخرى في ذاتي؟ بيانه أنّي حال ما أعقل نفس زيد ، إمّا أن لا أعقل نفسي وهو محال لأنّ العاقل للشيء عاقل بالقوّة القريبة من الفعل بكونه عاقلا وفي ضمنه كونه عاقلا لذاته. وإمّا أن أعقل نفسى في ذلك الوقت وحينئذ لا يخلو إمّا أن يكون الحاصل في نفسى من نفسى ومن زيد صورتان أو صورة واحدة فإن كانت واحدة فحينئذ أنا غيري ، وغيرى أنا ، إذ الصورة الواحدة من النفس مرّة واحدة يكتنفها أعراضى ، ومرّة أخرى يكتنفها أعراض زيد؛ وأمّا إن كان الحاصل صورتين فهو المطلوب.
قال المجيب : أنت إذا عقلت النفس فقد عقلت جزء ذاتك ، وإذا عقلت إنسانية زيد فقد أضفت إلى ذاتك شيئا وقرنته به فلا يتكرر الإنسانية فيك مرّتين بل يتعدد بالاعتبار. واعلم أنّ الفرق حاصل بين الإنسانية المطلقة المعتبرة بذاتها ، وبين الإنسانية من حيث إنّها كلية مشترك فيها بين كثيرين فإنّ الأوّل جزء ذاتي؛ وأمّا الإنسانية العامة فهي الإنسانية مع قيد العموم فلا يكون جزء ذاتي.
أقول : قوله «فإنّ الأوّل جزء ذاتي» ، بإضافة الذات إلى ياء المتكلم ، وفي المباحث المشرقية «فإنّ الأوّل جزء نفسي» (ج ٢ ، ص ٣٥٦).
قال السائل : إنّ القسم الذي أخرجتموه (الذى اخترتموه ـ كما في المباحث) أيضا باطل. بيانه أنّا إذا قلنا : «موجود لذاته» يفهم منه معان ثلاثة :