أحدها : أنّ ذاته لا تتعلق في وجوده بغيره؛
الثاني : أنّ ذاته ليست حالّة في غيره مثل البياض في الجسم ، وهذان القسمان باطلان لأنّهما سلبيان والمدركية أمر ثبوتى وهو عبارة عن حصول صورة المعلوم للعالم؛
والثالث : أنّ ذاته مضافة إلى ذاته وذلك أيضا محال لأنّ الإضافة تقتضى الاثنينية والوحدة تنافيها.
لا يقال : إنّ المضاف والمضاف إليه أعمّ ممّا إذا كان كل واحد هو الآخر أو غيره ولا يمكن نفي العام بنفي الخاص؛ فإنّ هذه مغالطة لفظية كما إذ قيل المؤثر يستدعي أثرا وذلك أعم من أن يكون المؤثر هو الأثر أو غيره فيلزم منه صحة أن يكون الشيء مؤثرا في نفسه ، فكما أنّ ذلك باطل فكذا هاهنا.
أقول : قوله : «فإنّ هذه مغالطة لفظية» جواب لقوله : «لا يقال إنّ المضاف إلخ».
قال المجيب : حقيقة الذات غير ، وتعينها غير ، والجملة التي هي الأصل والتعين شيء آخر ، وهذا لا يختلف سواء كان التعين من لوازم الماهية كما في الإله والعقول الفعالة. أو لا يكون كذلك كما في الأنواع المتكثرة بأشخاصها في الوجود. وهذا القدر من الغيرية يكفى في صحة الإضافة ، ولهذا التحقيق صحّ منك أن تقول : ذاتي وذاتك.
قال صاحب الأسفار :
أقول : هذا الجواب ضعيف فإنّ البسيط الحقيقي المتشخص بذاته ليس فيه اعتباران متغايران الذات والتعين ، وقد سبق حلّ هذا الشك الواقع في علم البسيط بذاته في مبحث تحقيق المضاف وتحقيق مسألة العلم. انتهى.
وأقول : إنّ صاحب الأسفار لا ينكر اعتبار التغاير في علم البسيط بذاته بوجه ، وتضعيفه ناظر إلى كون التغاير على أنّ حقيقة الذات غير ، وتعينها غير.
قال السائل : هذه الحجة منقوضة بإدراك الحيوانات أنفسها ، مع أنّ أنفسها غير مجرّدة ، ولا يلتفت إلى قول من ينكر إدراكها لذواتها لأنّها تطلب الملائم وتهرب عن المنافر ، وليس طلبها لمطلق الملائم وإلّا لكان طلبها لملائم غيرها كطلبها لملائمها.