ثمّ كيف يجوز ولم يجب أن تكون صورة هذا الجانب مختصا بأنّه جنس ، وصورة هذا الجانب أنّه فصل. وإن كان هذا الاختصاص يحدث بتوهم القسمة فالتوهم بغير صورة الشيء ، وهذا محال؛ وإن كان موجودا فيجب من ذلك أن يكون عقلنا شيئين ، لا شيئا واحدا. والسؤال في كل واحد من الشيئين ثابت ، فيجب أن يكون عقلنا أشياء بلا نهاية. فيكون للمعقول الواحد مباد معقولة بلا نهاية.
ثمّ كيف يمكن أن يحصل من المعقولين معقول واحد ، ونحن نعقل طبيعة الفصل بعينها لطبيعة الجنس ، فيجب أن تحلّ طبيعة الفصول وصورته في الجسم حيث طبيعة الجنس ، فيستحيل.
ثمّ الواحد الذي لا قسمة له كيف يعقل ، والحدّ من جهة ما هو حدّ واحد ، فكيف يعقل من جهة وحدته ، والفصول المجرّدة لا تنقسم بالفصول ، والأجناس المجرّدة التي ليس لها أجناس ، وصورة المعقولات التي لا قسمة لها إلى مبادى حدود كيف تعقل؟
وقد بان واتضح أنّ المعقولات الحقيقية لا تحلّ جسما من الأجسام ولا تقبلها صورة متقررة في مادة جسم ، هذا قسم. (ص ١٠٠ و ١٠١ ، ط ١ ، ايران).
٤ ـ هذا البرهان هو البرهان الأوّل من الفصل الخامس من رسالة الشيخ في النفس وبقائها ومعادها أيضا. (مجموعة الرسائل الفلسفية ، ص ٨٠ ـ ٨٤ ، ط مصر ، وص ١٢٦ ـ ١٢٩ ، ط جامعة استانبول).
وهذه الرسالة للشيخ قد طبعت مرّة مع رسائل أخرى فلسفية تنتهي إلى اثنتين وعشرين رسالة في جامعة استانبول ، عنى بنشرها الفاضل حلمى ضيا ولكن بمناسبة ذكرى ابن سينا الألفية؛ ومرّة أخرى مع ثلاث رسائل أخرى للشيخ في النفس أيضا في قاهرة مصر ، حققها وقدّم إليها الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى سنة ١٣٧١ هـ. وقد بذل في تصحيحها بعرضها على نسخ أخرى عتيقة جهده ، فرأينا نقل البرهان من الرسالة بهذا التصحيح البليغ في المقام حقيقا لقرب عباراته من عبارات الشفاء وإيجابه تسهيل الفهم من ما في الشفاء أيضا. إلّا أنّا نجعل اختلاف النسخ التي أورده في ذيل الصفحات بين الهلالين بدون ذكر رموز النسخ روما للاختصار ، فهي ما يلى :