وكذلك هو الحجة الأولى من نفس الأسفار ، غير أنّ صاحب الأسفار نقلها من المباحث المشرقية وحرّره بتحرير آخر أيضا قريب من ما في المباحث وزاد بعض كلمات تمثيليّة ، ثمّ أورد اعتراضات الفخر في أثناء تحرير الدليل على حذوه بتعبير واعترض هاهنا تارة ، فإن قلت أخرى ، فأجاب عنها ، من غير أن يصرّح باسم الفخر أو يسمّى بـ المباحث ، ـ ولا بأس بذلك ـ. ثمّ نقل مسلكا آخر في تقرير الحجة واعتراضات بعض المتأخرين عليه ، فأجاب عنها؛ ويريد بذلك البعض صاحب المباحث ، وأفاد بعض إشارات لطيفة في تضاعيف الحجّة.
واعلم أنّ أوّل من تصدّى لبيان هذا البرهان المذكور من الشفاء ، هو الشيخ نفسه في الفصول الثلاثة السادسة عشرة وتاليتيه من النمط الثالث من كتاب الإشارات ، فوزّع البرهان في ثلاثة فصول : فصل في تحرير أصل البرهان ، وفصلين في الجواب عن توهّم الإيرادين حوله؛ سيّما أنّ الشارح المحقق الطوسى في شرحه على الإشارات بيّنها أتمّ تبيين؛ على أنّ لنا حول كلماتهما السامية تعليقات لعلّها لمجدية لمن هو يبتغى الإيمان والاطمينان بنحو هذه المعارف الإيقانيّة ، فعليك بما نهديها إليك ، واللّه سبحانه وليّ التوفيق؛ قال الشيخ :
«إشارة ، إن اشتهيت الآن أن يتّضح لك أنّ المعقول لا يرتسم في منقسم ولا في ذى وضع فاسمع انك تعلم أن الشيء غير المنقسم قد يقارنه أشياء كثيرة لا يجب لها أن يصير منقسما في الوضع ، وذلك إذا لم تكن كثرتها كثرة ما ينقسم في الوضع كأجزاء البلقة لكن الشيء المنقسم إلى كثرة مختلفة الوضع لا يجوز أن يقارنه شيء غير منقسم ، وفي المعقولات معان غير منقسمة لا محالة وإلّا لكانت المعقولات أنّما تلتئم من مبادئ لها غير متناهية بالفعل؛ ومع ذلك فإنّه لا بدّ في كلّ كثرة متناهية أو غير متناهية من واحد بالفعل ، وإذا كان في المعقولات ما هو واحد ويعقل من حيث هو واحد فانّما يعقل من حيث هو واحد فانّما يعقل من حيث لا ينقسم ، فإذن لا يرتسم فيما ينقسم في الوضع ، وكل جسم وكل قوّة في جسم منقسم.»
أقول قوله : «فاذن لا يرتسم فيما ينقسم في الوضع» نتيجة البرهان. أي لا يرتسم