صحاح ، أو معتبرة الإسناد بوجوه من الاعتبارات المعتبرة عندهم.
وأين هذه المرسلة المذكورة في «الجعفريّات»؟ وخصوصا بعد ملاحظة أنّ الصحاح والمعتبرة متواترة ، والمرسلة واحدة.
وأيضا ؛ الصحاح والمعتبرة المتواترة مفتى بها بين الأصحاب ، بخلاف المرسلة ، وكذلك الحال في المرجّحات الخارجة.
وبالجملة ؛ أين الثرى من الثريّا؟! وجميع ما ذكر من المرجّحات لا تأمّل لأحد فيه ، لا من الشهيد ، ولا من غيره ، فلذا صرّح بأنّ المرسلة نصّ ، والمتواترة مطلقات ، فجعل قطعيّة دلالتها منشأ لتوقّفه في دلالة المطلقات المتواترة.
وغير خفي على من له أدنى فهم ، أنّ المرسلة ليست نصّا في الزكاة من حيث هي هي ، ولا في كلّ زكاة ، بل لا يحتمل قطعا ، فإذا كان شمولها لكلّ زكاة ، أو لحبس الزكاة ، لا يكون محتملا ، فكيف يكون نصّا؟ إذ الاحتمال منفي ، فكيف الظهور؟
مع أنّ المطلقات المتواترة لا شبهة في ظهورها في العموم ، بل غاية الظهور بملاحظة نهاية كثرة تعدّدها.
بل ربّما كان هذه الكثرة منشأ لحصول القطع ، أو ظنّ متآخم للقطع ، سيّما بعد ملاحظة كون كلّ واحد منها مفتى به على سبيل البتّ ، عند كلّ الفقهاء من المتأخّرين والقدماء ، حتّى الذين كانوا في عصر المعصوم عليهالسلام ، والشاهد يرى ما لا يراه الغائب ، وخصوصا بعد ملاحظة مرجّحات كثيرة.
ومع جميع ذلك ؛ جعل الشهيد دلالة المرسلة بالنسبة إليها نصّا (١) ، مع أنّ المرسلة ليس فيها أزيد من إعطاء خصوص خمسة ، فإن كانت صريحة في خمسة دراهم ، لم تكن شاملة لزكاة الأنعام ، والثمرة والذهب ونحوها قطعا.
__________________
(١) البيان : ٣٠٩.