الخلّة ، وإن كان بأخذ الزكاة والفطرة ونحوهما من الصدقات ، لكن لم يملكوا مئونة السنة ، بل وربّما لم يملكوا مئونة شهر وأقلّ ، ومنع مثلهم عن الزكاة مناف للضرورة من المذهب ، لو لم نقل من الدين أيضا.
ولم ينسب هذا أحد إلى أحدها ، بل فضلا عن شيخ الطائفة ، سيّما وأن يختاره أصلا يقول هو الحقّ ، مع أنّه لو صحّ هذا لا يكاد يوجد فقير إلّا نادرا.
ولو صحّ هذا من الشارع لاشتهر اشتهار الشمس ، لعموم البلوى وشدّة الحاجة ، وكمال إباء القلوب من الناس عن إعطاء الزكاة ، إذ يقولون للفقير لست مستحقّ الزكاة لكذا وكذا ، أو نراك تتعيّش بغير أخذ الزكاة من دون توقّف.
وبالجملة ؛ بداهة فساد ما ذكر لا حاجة إلى الإثبات والتطويل ، سيّما بعد ملاحظة الأخبار الكثيرة المعتبرة الواردة في كمال التوسعة للفقراء في أخذ الزكاة (١) ، حتّى لأجل أن يحجّوا (٢) ، وخصوصا أنّ الشيخ رواها عاملا بها (٣) ، كما لا يخفى.
وبالجملة ؛ من البديهيّات أنّه لا بدّ للشيخ من اعتبار ميزان يكون هو المعتبر شرعا في جواز أخذ الزكاة ، ولم يوجد إلّا ما قاله الفقهاء من اعتبار مئونة السنة ، لعدم الجواز ، وعدمه لعدمه ، لعدم القائل بالفصل ، بل للاتّفاق ، كما مرّ عن «البيان» (٤) ، ولما سيجيء في كتاب الخمس من أنّ المتبادر من المئونة والكفاية في أمثال المقام مئونة السنة ، ولذا اتّفق الفقهاء على ذلك.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣١ و ٢٣٥ الباب ٨ و ٩ ، ٢٣٨ الباب ١١ ، ٢٤٢ الباب ١٤ من أبواب المستحقّين للزكاة.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٩٠ الباب ٤٢ من أبواب المستحقّين للزكاة.
(٣) تهذيب الأحكام : ٥ / ٤٦٠ الحديث ١٦٠٢.
(٤) راجع! الصفحة : ٣٨٣ من هذا الكتاب.