حجّة ابن الجنيد ومن وافقه من العامّة ـ على ما نقل عنهم ـ : إنّ المنشئ يسمّى ابن السبيل ، لأنّه يريد الطريق ، وأنّه يريد إنشاء سفر في غير معصية ، فجاز أن يعطى من سهم ابن السبيل ، كما لو نوى المسافر إقامة مدّة ينقطع سفره فيها ثمّ أراد الخروج ، فإنّه يدفع إليه من هذا السهم مع أنّه منشئ للسفر (١).
ولا يخفى فساد الدليلين ، لأنّ التسمية على سبيل الحقيقة ممنوعة ، بل وفاسدة ، لتبادر الغير وصحّة السلب ، وما ذكره ثانيا محض القياس الذي يقول به أوّلا ، وإن كان رجع ، مع أنّه قياس مع الفارق.
وأمّا الضيف فظهر الاختلاف في الدخول.
والظاهر ؛ أنّه إن صار في سفره كغيره ، فهو ابن السبيل حقيقة ، وإلّا فالدخول يحتاج إلى ثبوت وجود ما أشاروا إليه من الرواية ، وثبوت حجيّتها أيضا ، والظاهر من كلامهم تحقّقها ، فالكلام في ثبوت الحجيّة وكيفيّة الدلالة.
وقد ظهر من المفيد بعد نقل أنّها جاءت [الى آخره] ما ظهر من إرجاعها إلى المنقطع بهم في الأسفار. وكذلك الحال في ابن زهرة والشيخ.
وقال في «المختلف» : ولم يذكر ابن الجنيد الضيف ، وهو الأقوى عندي ، لأنّ الضيف إذا كان مسافرا محتاجا دخل تحت ابن السبيل ، وإلّا فلا (٢).
أقول : بعد ما اختار ابن الجنيد من تعريف ابن السبيل ، لم يكن فرق بين الضيف وغيره إذا أنشأ السفر ، فلا حاجة إلى ذكره حينئذ ، إذ الضيف الذي لم يسافر أصلا لعلّه عنده في غاية الغرابة في دخوله في ابن السبيل ، لعدم المناسبة حينئذ أصلا ، مع ظهور الدخول في سبيل الله ، لما ورد في الأخبار من إكرام
__________________
(١) نقل عنهم في منتهى المطلب : ١ / ٥٢٢ ط. ق.
(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٢٠٤.