وكيف كان ؛ الاحتياط في الأداء مطلقا البتة لما ذكر وللاستصحاب ، وتعيين كونه أداء أو قضاء غير واجب ، وكذا تعيين كونه واجبا أو مستحبّا.
مع أنّ كونه قضاء يقتضي اشتراط الأداء ، وعدم العموم الشامل للقضاء ، لأنّ الحقّ أنّ القضاء فرض مستأنف ، وهو أيضا قائل به ، فلا بدّ من توجيه لكلامه.
بل توجيهه ظاهر ، لأنّه استدلّ بأنّه لم يأت بالمأمور به ، فيبقى في عهدته التكليف ، وبأنّ المقتضي للوجوب قائم ، والمانع لا يصلح للمانعيّة.
أمّا الاولى ؛ فبالعموم ، وأمّا الثانية ؛ فلأنّ المانع ليس إلّا خروج وقت الأداء ، وهو لا يسقط الحقّ كالدين ، وزكاة المال ، والخمس ، ولصحيحة زرارة (١) (٢).
فظهر أنّ مراده من الأداء ليس إلّا الإعطاء ، لا المعنى المقابل للقضاء فتصير من الواجبات الفوريّة ، التي يكون فيها تكليفان ، التكليف بأداء نفس الحقّ مطلقا ، والوجوب فورا عند مطالبة صاحب الحقّ كالدين أيضا إذا كان مالكه غير مكلّف ونحوه ، بل الأوّل أيضا كذلك ، إلّا أن يوسّع عليه المالك ، أو نفس الدين يكون من الواجبات الموسّعة عليه.
مع أنّه يجوز أن يريد من الأداء ما يقابل القضاء ، كما هو الحال في الزكاة ونحوها ، فيكون حالها حال الواجبات الفوريّة كالدين ، مع أنّ الدين أيضا ربّما يكون مؤقّتا ، كما لا يخفى ، وكون القضاء بفرض جديد ، إنّما هو في مطلوب واحد مؤقّت بالنظر إلى الأصل والقاعدة ، فاندفع عنه ما أورد عليه في «الذخيرة» بأنّ القضاء فرض جديد (٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٥٦ الحديث ١٢٢٢٥.
(٢) مختلف الشيعة : ٣ / ٣٠٤.
(٣) ذخيرة المعاد : ٤٧٦.