ومع ذلك المكتوب إليه غير ظاهر من هو ، حتّى أنّه لم يكتب بعد الضمير رمز عليهالسلام ونحوه أصلا ، ومع ذلك المانع موافق للمؤيّدات الكثيرة التي اشير إليها في الجملة.
وهذه الأخبار مخالفة لها ، مع أنّه أبعد من مذاهب العامّة قطعا بخلاف هذه ، إذ الظاهر كونها اتّقاء منهم على الشيعة ، ينادي بهذا صحيحة محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمّار ، عن الكاظم عليهالسلام سأله عن صدقة الفطرة ، اعطيها غير أهل ولايتي و [من] فقراء جيراني؟ قال : «نعم ، الجيران أحقّ بها ، لمكان الشهرة» (١).
قال الفقهاء : المراد أنّه إن لم يعط الجيران شهروه (٢) ، والاعتبار أيضا شاهد عليه ، لأنّ الشيعة ؛ في الكوفة ـ مثلا ـ كانوا مختلطين بأهل السنّة ، إلى حدّ كان الأب من العامّة والابن من الخاصّة ، وبالعكس.
وكذا الحال في الأخوين وسائر الأنساب ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجيران ، وهم كانوا عارفين يقينا بحال من يتمكّن من إعطاء الفطرة ، ويجب عليه ويعطي ، ومن لا يتمكّن ولا يعطي.
فإذا رأى العامّي أنّ من يعطي ؛ لا يعطي إلّا الذي عنده أنّه رافضي ، أو متّهم بالرفض ، ولا يعطي من ليس كذلك ، كانوا يتّهمونه بالرفض ، بل ويشهّرونه به.
فإذا رأى أنّه يعطيها فقراء أهل السنّة أيضا ، مع أنّ غالبهم كونهم مستضعفين لم يتّهموه ولم يشهّروه ، سيّما والمشهّر هو الآخذ ، لكن هذا التوجيه إنّما ينفع بالنسبة إلى الأخبار المجوّزة مطلقا.
__________________
(١) الكافي : ٤ / ١٧٤ الحديث ١٩ ، الاستبصار : ٢ / ٥١ الحديث ١٧٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٣٦٠ الحديث ١٢٢٣٥.
(٢) لاحظ! مرآة العقول : ١٦ / ٤٢٣.