الدّرداء ، عن أبي الدّرداء ، قال (١) : لما دخل عمر بن الخطاب [الجابية] سأل بلال أن يقدم (٢) الشام ففعل ذلك قال : وأخي أبو رويحة الذي آخى بينه وبيني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزل (٣) داريّا (٤) في خولان ، فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم : قد جئناكم [خاطبين](٥) ، وقد كنا كافرين فهدانا الله ، ومملوكين ، فأعتقنا الله ، وفقيرين فأغنانا الله ، فإن تزوجونا فالحمد لله وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فزوّجوهما.
ثم إن بلالا رأى في منامه النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول له : «ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا بلال ، فانتبه حزينا وجلا خائفا ؛ فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلىاللهعليهوسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه ، وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمّهما ويقبّلهما ، فقالا له : يا بلال نشتهي نسمع آذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في السحر ، ففعل فعلا سطح المسجد ، فوقف موقفه الذي كان يقف فيه ، فلما أن قال : «الله أكبر الله أكبر» ، ارتجّت المدينة ، فلما أن قال : «أشهد أن لا إله إلّا الله» زاد تعاجيجها (٦) ، فلما أن قال : «أشهد أن محمدا رسول الله» ، خرج العواتق من خدورهنّ فقالوا أبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فما رئي يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ذلك اليوم.
قال أبو الحسن محمد بن الفيض : توفي إبراهيم بن محمد بن سليمان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (٧).
٤٩٤ ـ إبراهيم بن محمد بن أبي سهل
أبو إسحاق المرورّوذي (٨) المقرئ
قدم دمشق وحدّث بها عن زاهر بن أحمد ، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن
__________________
(١) الخبر في أسد الغابة ١ / ٢٤٤ ترجمة بلال بن رباح.
(٢) كذا بالأصل وم ، والمعنى مضطرب ، وعبارة أسد الغابة : «سأله بلال أن يقره بالشام» وهي أظهر.
(٣) في أسد الغابة : فنزلا.
(٤) بالأصل «دارنا» والصواب ما أثبت عن أسد الغابة. وداريا : قرية كبيرة من قرى غوطة دمشق. (معجم البلدان). وفي م : داريا.
وخولان : قبيلة عربية نزلت بمصر والشام فحملت أنسابهم (الجمهرة : ٣٩٣).
(٥) الزيادة هنا والتي قبلها عن أسد الغابة.
(٦) في أسد الغابة : زادت رجتها.
(٧) في مختصر ابن منظور ٤ / ١١٨ : وثلاثمائة.
(٨) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى مرو الرّوذ وقد يخفف في النسبة إليها فيقال «المروذي» بلدة حسنة مبنية على وادي مرو ، بينهما أربعون فرسخا.