ومائة (١) ، وأنفذ إليه عهده إلى دمشق وأمره بالاستخلاف على عمله ، والخروج إلى مكة ليحجّ بالناس ، ثم يرجع إلى عمله من جند دمشق ، قال إبراهيم : فخرجت من دمشق أريد الحجاز ، فلما قطعت وادي القرى وافيت جبلا يسير الناس في سفحه ، وفي الجبل صخرة عظيمة لا يأمن السائر تحتها سقوطها عليه ، وليس للمجتاز بذلك طريق إلّا تحت تلك الصخرة ، فدخلتني روعة من السير تحتها ثم دعوت بفرس جواد فركبته وركضت حتى جزت عنها ، فكتب بذلك صاحب خبر الناحية إلى صاحب البريد ، وكتب به صاحب البريد إلى الرشيد ، فلما ورد عليه الخبر غضب عليّ ، وقال : ابن المهدي جبان ، وأمر بصرفي عن دمشق وتولية العباس بن محمد بن إبراهيم الإمام ما كنت أتولى من الصلاة بأهل جند دمشق والمعونة على ذلك الجند.
قال إبراهيم : واجتاز تحت تلك الصخرة بعد أن جزتها جماعة كثيرة من حجّاج أهل الشام فسقطت الصخرة عليهم فقتلت عالما من الناس ، وكتب صاحب الخبر بذلك فتأدى الخبر إلى الرشيد ، فأمر بإبطال أمر العباس بن محمد وبالكتاب إليّ باستصواب رأيي وبحمدي على ما كان مني ، ووصلني بثلاثين ألف دينار من مال دمشق فقبضتها بعد رجوعي إليها.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢) : إبراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، أبو إسحاق ، ويعرف بابن شكلة. بويع له بالخلافة ببغداد في أيام المأمون ، وقاتل الحسن بن سهل ، وكان الحسن أميرا من قبل المأمون فهزمه إبراهيم ، فتوجه نحوه حميد الطوسي فقاتله ، فهزمه حميد ، واستخفى إبراهيم مدة طويلة حتى ظفر به المأمون فعفا عنه ، وكان أسود حالك اللون ، عظيم الجثة ، ولم ير في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لسانا ، ولا أجود شعرا.
قال (٣) : وكان إبراهيم وافر الفضل غزير الأدب ، واسع النفس ، سخي الكفّ ،
__________________
(١) كذا ، وفي مروج الذهب ٤ / ٤٥٥ حج بالناس هارون الرشيد سنة ١٨٦ وفي المعارف ص ٣٨١ آخر حجة حجها هارون «سنة ست وثمانين ومائة» وفي مروج الذهب أن إبراهيم بن المهدي حج بالناس سنة ١٨٤.
(٢) تاريخ بغداد ٦ / ١٤٢.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، الخبر في تاريخ بغداد ٦ / ١٤٤.