حدّثنا ابن حميد ، حدّثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن سالم أبي النّضر أنه حدّث أن موسى لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام ، وكان بلعم ببالعة ـ قرية من قرى البلقاء ـ فلما نزل موسى ـ عليهالسلام ـ ببني إسرائيل ذلك المنزل ، أتت قوم بلعم فقالوا له : يا بلعم ، هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا ، ويقتلنا ويحلها بنو إسرائيل ، ويسكنها ، وإنّا قومك وليس لنا منزل ، وأنت رجل [مجاب الدعوة ،](١) فاخرج فادع الله عليهم ، فقال : ويلكم! نبي الله معه الملائكة والمؤمنون! كيف [أذهب أدعو](٢) عليهم ، وأنا أعلم من الله ما أعلم! قالوا : ما لنا من منزل ، فلم يزالوا به يرفقونه (٣) ، ويتضرعون إليه حتى فتنوه ، فانفتن فركب حمارا متوجها إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل ، وهو جبل حسبان ، فما سار عليها غير كثير ، حتى ربضت به ، فنزل عنها فضربها حتى إذا أذلقها قامت فركبها ، فلم تسر به حتى ربضت فضربها حتى [إذا](٤) أذلقها أذن الله لها فكلّمته حجة عليه ، فقالت : ويحك يا بلعام (٥) ، أين تذهب ، ألا ترى الملائكة أمامي تردني [عن وجهي هذا ، أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم ، فلم ينزع عنها يضربها](٦) فخلّى الله سبيلها حين فعل بها ذلك ، فانطلقت حتى إذا أشرفت به على رأس جبل حسبان ، على عسكر موسى وبني إسرائيل ، جعل يدعو عليهم ، فلا يدعو عليهم بشيء إلّا صرف به لسانه إلى قومه ، ولا يدعو لقومه بخير إلّا صرف لسانه لبني إسرائيل. فقال له قومه : ما تدري يا بلعم ما تصنع ، إنما تدعو لهم وتدعو علينا. قال : فهذا ما لا أملك ، هذا شيء قد غلب الله عليه ، واندلع لسانه فوقع على صدره ، فقال لهم : قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ، فلم يبق إلّا المكر والحيلة ، فسأمكر وأحتال ، جمّلوا النساء وأعطوهن السلع ، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها فيه ، ومروهن فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها ؛ فإنه إن زنى رجل واحد منهم كفيتموهم (٧) ، ففعلوا ، فلما دخل النساء العسكر مرت امرأة من الكنعانيين اسمها كيسى (٨) برجل من عظماء بني إسرائيل ، وهو زمري بن شلوم ، رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فقام إليها
__________________
(١) ما بين معكوفتين مكانه مطموس بالأصل والمثبت عن م ، وانظر.
(٢) الطبري : «يرققونه» وبهامشه عن نسخة يرفقونه كالأصل.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.
(٤) الطبري : بلعم.
(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.
(٦) بالأصل «كفيتموه» والمثبت عن الطبري.
(٧) الطبري : بلعم.
(٨) وفي الطبري : «كستى» وبهامشه عن نسخة : «كسى» وفي المطبوعة ١٠ / ٢٧٠ «كسبى».