١٦٤٠ ـ الحسين البرذعي أحد الصالحين
حكى عنه أبو الفرج عبد الوهاب بن علي القرشي.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن محمّد الحنّائي ، أخبرني أبو الفرج عبد الوهاب بن علي القرشي ، قال : خرجت من دمشق من أربعين سنة إلى القدس فصلّيت فيه ، ورجعت ففي رجوعي جئت إلى جبّ يوسف عليهالسلام ، قبل الأولى (١) من يوم الخميس ، فإذا أنا برجل كهل معه ركوة (٢) فسلّمت عليه ، وتوضّأت أنا وهو من الجبّ ، وصلّينا الظهر ، فتقدم فصلّى بي العصر ، ثم تقدم فصلّى بي المغرب ، ثم تقدم فصلّى بي عشاء الآخرة وأوتر ، وكان معي شيء من الطعام ، فقلت : بسم الله فأكل منه يسيرا ، فقلت له : من يكون الشيخ؟ فقال لي : حسين البردعي ، فقال لي : رأيت؟ إنسان تدركه الجمعة ويخرج ولا يصلّيها؟ فقلت : يا سيدي نسيت؟ فقال : لا بأس عليك ، اخرج.
فخرجنا حتى جئنا إلى جبّ يوسف فقال : صلّ ركعتين ، فصلّيت ، ثم قال لي : بسم الله ، فخرجنا ، فقال : تقرأ علي أو أقرأ عليك؟ فقلت : لا بل اقرأ أنا عليك ، فقرأت مائة آية ، وغاب القمر ، وإذا نحن في ضوء غير ضوء القمر ، وإذا نحن نمشي كأننا نمشي على وطاء في أرض مستوية ، وهو آخذ بيدي ، فلما جئنا إلى موضع قال لي : صلّ ركعتين فعددت أنّا صلينا ستين ركعة ، ثم جاء بي إلى حائط فقال : أتدري أين أنت؟ قلت : لا قال : أنت في داريا (٣) استودعك الله. فقلت له : ادع لي يوفقني الله لطاعته ، ويلهمني صيام الدهر ، وقيام الليل ، ويميتني على الإسلام والسّنّة والجماعة فدعا لي.
فمن ذلك الوقت ليس عليّ في الصيام كلفة ، ولا في قيام الليل ، فقال لي : أستودعك الله ، فقلت : يا سيدي ، ما تجيء معي إلى أهلي؟ قال : لا ، قلت : فأصحبك؟ قال : كيف يجوز لك ولك والدان وزوجة وأخت؟ ولم أعلمه بهذا.
__________________
(١) يعني الصلاة الأولى.
(٢) الركوة دلو صغير أو إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
(٣) بالأصل وم «دارنا» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٧ / ١٨٥.
وداريا : قرية من قرى غوطة دمشق.