فيخبز خبزا رقاقا ، وآمر بصاع من زبيب فيقذف في سعن (١) ثم يصبّ عليه من الماء ، فيصبح كأنه دم غزال ، فقال : إني لأراك عالما بطيب العيش ، فقال : أجل والذي نفسي بيده ، لو لا أن تنتقض (٢) حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم.
أنبأنا أبو القاسم بن أبي الجن وغيره ، عن أبي بكر أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن قشيش ، أنا أبو الحسن علي بن عمرو بن سهل بن حبيب الحريري ، أنا أبو أحمد محمّد بن أحمد بن يوسف الحريري ، أنا أبو جعفر أحمد بن الحارث الخزاز ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عبد الله المدائني قال واستعمل زياد عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي على أردشيرخرّه (٣) فأقام نحوا من سنة ، وكتب زياد إلى جوان بوذان بن المعكبر : ابعث إليّ بألف مزمزم. فكتب إلى زياد يهزأ به : عندي تسعمائة وتسعة وتسعون مزمزما. فغضب زياد وكتب إليه : فيك ما يكمل الألف ثم تقتل إن شاء الله.
وكتب إلى عبد الله بن عثمان أن يأخذ العجل جوان برذان (٤) ويحمله إليه ، فلما وصل الكتاب إلى جوان خافه فجمع أكراده ، ووثب على عبد الله بن عثمان فأسره وتحصن في قلعة صهرتاج (٥) بأردشيرخرّه فذكر الحديث إلى أن قال : وكان حفص بن أبي العاص كلّم زيادا في عبد الله بن عثمان أن يفديه فأبى ، فقال : لأشخص إلى أمير المؤمنين فإنه أرعى لحقي منك ، فأتى معاوية فكلّمه في ابن أخيه ، فكتب له إلى زياد يطلب إليه أن يحتال لعبد الله أن يتخلصه فأبى زياد وجرى بينه وبين حفص في ذلك كلام كثير.
وكان حفص مفوّها بسيط اللسان ، فأمر زياد رجلين يكتبان كلامه وكلام حفص فكتبا فاختلف الناس فيهما ، فقال البتي وقوم معه : حفص أنطق من زياد لأن زيادا قد كان حذر أمرا فتحفظ له كلاما ، وقال قوم : بل زياد أرجحهما وأصوبهما كلاما ، لأن حفصا
__________________
(١) السعن : قرية تقطع من نصفها وينبذ فيها ، وقد يستقى بها.
(٢) المختصر : تنتقص.
(٣) ضبطت اللفظتان عن معجم البلدان ـ ضبطهما نصا ـ وهي من أجل كور فارس ، فيها مدن كثيرة أشهرها جور وشيراز (انظر معجم البلدان).
(٤) كذا بالأصل ، وفي م : العلج جوان بوذان.
(٥) صهرتاج موضع بالأهواز.