يزيد المبرّد (١) ، نا إبراهيم بن سفيان الزّيادي ، قال : كان حفص الأموي هجّاء لبني هاشم ، وطلبه عبد الله بن علي فلم يقدر عليه ، ثم جاءه فقال عائذ بالأمير منه قال : ومن أنت؟ قال : حفص الأموي ، فقال : ألست الهجّاء لبني هاشم ، قال : أنا الذي أقول أعز الله الأمير :
وكانت أمية في ملكها |
|
تجور وتكثر عدوانها |
فلما رأى الله أن قد طغت |
|
ولم يظن (٢) الناس طغيانها |
رماها بسفّاح آل الرسول |
|
فجذّ بكفّيه أعيانها |
ولو آمنت قبل وقع العذاب |
|
لقد قبل الله إيمانها |
فقال : اجلس فجلس ، فتغدّى بين يديه ، ثم دعا خادما له فسارّه بشيء ، ففزع حفص ، وقال : أيها الأمير قد تحرّمت بك وبطعامك ، وفي أقل من هذا كانت العرب تهب الدماء ، فقال : ليس ما ظننت فجاء الخادم بخمسمائة دينار ، فقال : خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعثت منا.
وحكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري ، عن خالد بن كلثوم ، عن عوانة بن الحكم ، ومحمّد بن السائب الكلبيين ، قالا : قال هشام يوما لجلسائه وقوّامه على خيله : كم أكثر ما ضمت عليه حلبة من الخيل في إسلام أو جاهلية؟ فقيل له : ألف فرس ، وقيل ألفان ، فأمر أن يؤذن الناس بحلبة أربعة آلاف فرس ، فقيل له : يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضا فلا يتسع لها طريق ، فقال : نطلقها ونتوكل على الله ، والله الصانع فجعل الغاية خمسين ومائتي (٣) غلوة ، والقضب مائة ، والمقوس ستة أسهم ، وقاد إليه الناس من كل أوب ، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام ، فأصلح طريقا واسعا لا يضيق بها ، فلما أرسلت يوم الحلبة بين يديه وكان ينظر إليها تدور حتى ترجع ، فجفل الناس يتراءونها حتى أقبل الذائد (٤) كأنه ريح لا يتعلق به شيء ، حتى دخل سابقا وأخذ القصبة ، ثم جاءت الخيل بعد لأي أفذاذا
__________________
(١) الخبر في كتاب الفاضل للمبرد ص ٥٧ باختلاف الرواية.
(٢) الفاضل للمبرد ؛ ولم يطق.
(٣) في بغية الطلب : ومائة.
(٤) الذائد : فرس من نسل الحرون (القاموس).