فإن جرّ ما بعده ، فباضافة «سيّ» إليه ، و «ما» زائدة ، ويحتمل أن تكون نكرة غير موصوفة ، والاسم بعدها بدل منها ،
وإن رفع ، وهو أقل من الجرّ ، فخبر مبتدأ محذوف ، و «ما» بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة بجملة اسمية ، وإنما كان أقلّ ، لأن حذف أحد جزأي الاسمية التي هي صلة كقراءة (١) من قرأ : (تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ) (٢) ، أو صفة ، قليل (٣) ؛
وليس نصب الاسم بعد «لا سيّما» بقياس ، لكن روي بيت امرئ القيس :
٢٣٥ ـ ألا ربّ يوم صالح لك منهما |
|
ولا سيّما يوم بدارة جلجل (٤) |
بنصب «يوما» ، فتكلّفوا لنصبه وجوها ، قال بعضهم : «ما» نكرة غير موصوفة ، ونصب يوما بإضمار فعل ، أي : أعني يوما ؛
قال الأندلسيّ (٥) : لا ينتصب بعد «لا سيّما» إلا النكرة ، ولا وجه لنصب المعرفة ، وهذا القول منه مؤذن
بجواز نصبه قياسا على أنه تمييز ، لأن «ما» بتقدير التنوين ، كما في : كم رجلا ، إذ لو كان باضمار فعل لاستوى المعرفة والنكرة ،
قال الأخفش في قولهم : إن فلانا كريم ولا سيّما إن أتيته قاعدا : «ما» ههنا ، زائدة ، عوضا عن المضاف إليه ، أي : ولا مثله إن أتيته قاعدا ؛
واعلم أن الواو التي تدخل على : لا سيّما في بعض المواضع كقوله :
ولا سيّما يوم بدارة جلجل
__________________
(١) هي قراءة يحيى بن يعمر ، وعبد الله بن أبي اسحاق الحضرميّ وهي شاذة ،
(٢) من الآية ١٥٤ سورة الأنعام.
(٣) خبر عن قوله لأن حذف أحد جزأي الاسمية ... ،
(٤) من معلقة امرىء القيس التي تكررت الشواهد منها في هذا الشرح والضمير في منهما يعود على امرأتين تحدث عنهما قبل ذلك وذكر قصة جرت بينه وبينهما في مكان اسمه دارة جلجل ؛
(٥) الأندلسي تقدم ذكره في هذا الجزء وفي الجزء الأول وسيتكرر ذكره ؛