الماضي خبر «كان» ، فلا يقال : كان زيد قام ، ولعل ذلك لدلالة «كان» على الماضي ، فيقع المضيّ في خبرها لغوا ، فينبغي أن يقال : كان زيد قائما أو يقوم ؛ وكذا ينبغي أن يمنع نحو : يكون زيد يقوم لمثل تلك العلة ، سواء ؛
وجمهورهم على أنه غير مستحسن ، ولا يحكمون بمطلق المنع ، قالوا : فإن وقع ، (١) فلا بدّ من «قد» ظاهرة أو مقدّرة ، لتفيد التقريب من الحال ، إذ لم يستفد من مجرّد «كان» ، وكذا قالوا في : أصبح وأمسى وأضحى ، وظلّ وبات ؛ وكذا ينبغي أن يمنعوا (٢) نحو : يصبح زيد يقول وكذا البواقي ،
والأولى ، كما ذهب إليه ابن مالك : تجويز وقوع خبرها ماضيا بلا «قد» ، فلا نقدرها في قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ) (٣) ، و: (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ)(٤) ؛ وفي قول الشاعر :
٢٣٧ ـ وكان طوى كشحا على مستكنّة |
|
فلا هو أبداها ولم يتقدم (٥) |
ولا في قوله :
٢٣٨ ـ أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا |
|
أخنى عليها الذي أخنى على لبد (٦) |
إذ لا منع (٧) من قيام شيئين يفيدان معنى واحدا ؛
__________________
(١) أي إن وقع خبرها ماضيا ،
(٢) المناسب أن يقول : ينبغي ألّا يستحسنوا ،
(٣) الآية ١٥ في سورة الأحزاب
(٤) الآية ٢٧ في سورة يوسف ؛
(٥) من معلقة زهير بن أبي سلمى وقد تضمنت حديثا عما كان بين عبس وذبيان ، وفيه أن حصين بن ضمضم امتنع عن الصلح ، واستتر من الناس ، وهو المقصود بهذا البيت وقيله :
لعمري لنعم الحيّ جرّ عليهم |
|
بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم |
(٦) هذا من معلقة النابغة الذبياني وتقدمت بعض أبيات منها ، ولبد : اسم أحد النسور التي قالوا إن لقمان الحكيم أعطى عمر سبعة منها ، والنسور أطول الطيور أعمارا ، ولبد كان آخرها ؛
(٧) تعليل لقوله : والأولى تجويز وقوع خبرها .. الخ ؛