انّ «إن» الشرطية ، كثيرة الاستعمال ، مع كان الناقصة ، فإن حذف شرطها جوازا ، لم يغيّر حرف الشرط عن صورته ، نحو : إن سيفا فسيف ، وإن حقا وإن كذبا ؛ وكذا إن حذف شرطها وجوبا مع مفسّر ، كما في : إن زيد كان منطلقا ؛ وإن حذف شرطها وجوبا بلا مفسّر ، وجب تغيير صورتها ، من كسر الهمزة إلى فتحها ، لأن بقاءها على وضعها الأصلي مع قطعها وجوبا عن مقتضاها الأصلي بلا مفسر هو كالعوض : مستكره ، (١) فإذا غيّرت عن حالها الوضعي ، سهل حذف شرطها على سبيل الوجوب ، لأنها تصير كأنها ليست في الظاهر حرف الشرط ، ولا بدّ ، إذن ، من «ما» لتكون كالكافّة لها عن مقتضاها ، أعني الشرط ؛ ثم لا يخلو حالها عند ذلك من أن تحذف منها «كان» مع اسمها وخبرها ، أو تحذفها وحدها ، فإن كان الأول ، وجب في جزائها الفاء لتؤذن بها أنّ «أمّا» في الأصل حرف شرط ، لأن الفاء علم السببيّة ، فجيئ بها لمّا تغيّرت صورة حرف السببية أعني «إن» ؛ وسقط على سبيل الوجوب جميع أجزاء السبب ، أعني : كان مع اسمها وخبرها ، وذلك نحو : أمّا زيد فمنطلق ، أي : أمّا يكن في الدنيا شيء ، فزيد منطلق ، أي إن يكن شيء موجودا ، يوجد انطلاق زيد ، أي هو منطلق لا محالة ، فلا بدّ ، إذن ، من اقامة جزء من الجزاء مقام الشرط ، لأنه لم يبق منه شيء ، كما يجيئ في حروف الشرط ؛
وإن كان الثاني ، فالفاء غير لازمة ، بل يجوز حذفها والإتيان بها ، نحو : أمّا زيد منطلقا ، انطلقت ، وأمّا أنت ذا نفر فإن قومي ... ؛
وأمّا فتح همزة «إن» الشرطية ، من دون حذف الشرط ، كما أثبته الكوفيون فليس بمشهور ؛
وقد تحذف «كان» بعد «إمّا» المكسورة قليلا ؛ وقال سيبويه (٢) : لم يجز حذف الفعل مع «إمّا» المكسورة ؛ وقال أبو علي (٣) : لأن «ما» التي بعدها ، أشبهت اللام في تأكيد
__________________
(١) خبر عن قوله : لأن بقاءها ، وقوله قبل ذلك : هو كالعوض ، صفة لمفسّر ؛
(٢) ج ١ ص ١٤٨ ، وهو بمعناه ،
(٣) أي الفارسي ، تعليلا لقول سيبويه ؛