وهذا الذي قاله مخالف لظاهر قول سيبويه ، لأنه قال (١) : اعلم أن «لا» في الاستفهام أو العرض ، تعمل فيما بعدها ، كما تعمل فيه إذا كانت في الخبر ؛
فمن ذلك قول حسّان :
٢٥٥ ـ ألا طعان ألا فرسان عادية |
|
الّا تجشّؤكم حول التنانير (٢) |
وفي مثل : ألا قماص بالعير (٣) ، يضرب لمن ذلّ بعد عزّة ، فمعنى الاستفهام فيما ذكر من الشعر والمثل ظاهر ، ولم يذكر سيبويه أن حال «الا» في العرض كحاله قبل الهمزة ، بل ذكره السيرافي ، وتبعه الجزولي والمصنف ، وردّ ذلك الأندلسي وقال : هذا خطأ ، لأنها إذا كانت عرضا ، كانت من حروف الأفعال كإن ولو ، وحرف التحضيض ، فيجب انتصاب الاسم بعدها في نحو : ألا زيدا تكرمه ؛
وأمّا إذا كان «ألا» بمعنى التمني ، كقوله :
٢٥٦ ـ ألا سبيل إلى خمر فأشربها |
|
ألا سبيل إلى نصر بن حجّاج (٤) |
فالمازني والمبّرد ، قالا : حكمها حكم المجرّدة ، فيجوز عندهما ، العطف والوصف على الموضع ، نحو : ألا مال كثير ، أنفقه ، و: ألا ماء وخمرا أشربهما ، وخبرها عندهما إمّا ظاهر أو مقدّر ، كما في المجرّدة ؛
__________________
(١) عبارة سيبويه في ج ١ ص ٣٥٨ ، ليس فيها ذكر العرض ، والشارح نفسه سينبه على ذلك ؛
(٢) من أبيات لحسان بن ثابت الأنصاري في هجاء بني الحارث بن كعب يقول فيها :
حار بن كعب ألا أحلام تزجركم |
|
عني وأنتم من الجوف الجماخير |
لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ |
|
جسم البغال وأحلام العصافير |
(٣) المعروف في المثل : لا قماص بالعير ، والقماص بضم القاف وبكسرها ما يبديه الحيوان من حركات تدل على نشاطه وقوته ، فمعنى المثل : اخبار بأنه أصبح لا يستطيع ذلك ؛
(٤) لهذا البيت وما يتصل به قصة حدثت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وامتلأت بها كتب الأدب ، وصاحبة الشعر امرأة سمعها عمر ، وهو يمر ليلا ، وهي تتغنى بهذا الشعر وقد أطلقوا على هذه المرأة اسم : المتمنية ، واستدعى عمر ، نصر بن حجاج فوجده جميل الصورة فنفاه ، وقد أورد البغدادي هذه القصة بروايات مختلفة ، وذكر ما لقيه نصر بن حجاج بسبب جماله من نفي وتشريد ،