حذفت (١) التاء حملا للفعيل بمعنى الفاعل على الفعيل بمعنى المفعول ، كقوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٢) وهو صفة الجمّاء ، أي : الجماعة الكثيرة الساترة ، واللام في الاسمين زائدة ، كما في قوله :
ولقد أمر على اللئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمت قلت لا يعنيني (٣) ـ ٥٦ |
ويقال ، أيضا ، مررت بهم جمّاء غفيرا.
ومنه قولهم : ادخلوا الأول فالأول ، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : «يذهب الصالحون أسلافا : الأول فالأول» ؛ أي مترتبين ، واللام زائدة ، كما في : الجماء الغفير ؛ وقد يتبع ما قبله على البدل ، نحو : دخل القوم : الأول فالأوّل.
وإمّا بالإضافة (٤) ، نحو : جاء الرجال ثلاثتهم ، أو أربعتهم ، أو خمستهم ، إلى العشرة ، وهذه الأسماء الثمانية (٥) ، إذا أضيفت إلى ضمير ما تقدم ، منصوبة عند أهل الحجاز على الحال ، لوقوعها موقع النكرة ، أي مجتمعين في المجيئ ، وبنو تميم يتبعونها ما قبلها في الإعراب ، على أنها توكيد له.
وربّما عومل بالمعاملتين : العدد المركب ، نحو : جاءني الرجال خمسة عشرهم ، وقد يعرب هذا المركب عند الأخفش ، كما يجيئ في باب العدد.
وقد ذكرنا قولهم : كلمته فاه إلى فيّ (٦) ، وقال الكوفيون : هو مفعول به ، أي : جاعلا فاه إلى فيّ ، وقال الأخفش : هو منصوب بتقدير «من» أي : من فيه إلى فيّ ،
__________________
(١) أي من كلمة الغفير لأنها صفة على وزن فعيل بمعنى فاعل كما قال ، فحقها التأنيث بالتاء
(٢) الآية ٥٦ سورة الأعراف ؛
(٣) تكرر الاستشهاد بهذا البيت في هذا الشرح وهو أيضا شائع في كتب النحو ، وقد تقدم ذكره في الجزء الأول من هذا الشرح ،
(٤) هذا هو النوع الثاني من المعرّف غير المصدر ،
(٥) أي ألفاظ العدد ، ما عدا الواحد والاثنين ،
(٦) تقدم الحديث عنه في صدر هذا الباب ،