إلى شيء ، كما يقال في المثل : ما كلّ سوداء تمرة ، ولا بيضاء شحمة ، أي : ولا كلّ بيضاء ، قال : ولو لم يقدّر هنا مضاف معطوف على المضاف الأول ، لكان عطفا على عاملين مختلفين (١) ، ولا يجوز عنده ؛ وعند غيره يجوز ذلك فلا يقدّر مضافا ،
وتقول : ما مثل عبد الله يقول ذلك ، ولا أخيه ، وما مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذلك ، أي : ولا مثل أخيه ، ولا مثل أبيك ؛ قالوا : يجب اضمار (٢) المضاف ههنا ، فيكون ممّا حذف المضاف فيه وأبقي المضاف إليه على إعرابه. وذلك لأن «أخيه» لو كان معطوفا على «عبد الله» لكان المعنى : ما رجل هو مثلهما يقول ذلك ، وليس هو المراد ، بل المعنى : ما مثل هذا ولا مثل هذا يقولان ذلك ، وأيضا ، لو كان معطوفا عليه ، لكان قد فصل بين المعطوف والمعطوف عليه المجرور ، بأجني ، وذلك لا يجوز ، كما يجيئ في باب العطف ؛ ولو كان «أبيك» في المسألة الثانية عطفا على «أخيك» لم يقل : يقولان ، بل : يقول ، وأيضا ، لو لم يقدّر المضاف في المسألتين لكان الداخل عليه «لا» المزيدة لتأكيد النفي ، معطوفا على غير ما نسب إليه الحكم المنفي ، ولا يجوز ، لأنك تقول : ما جاءني زيد ولا عمرو ، ولا يجوز : ما جاءني غلام زيد ولا عمرو ، بجرّ عمرو ، إذ أن المجيء ليس منفيا عن زيد ، بل عن غلامه ؛
وأجاب المصنف عن الاستدلالات كلها بأن «مثل» ههنا ، كناية ، وليس بمقصود ، فكأنه معدوم ، يقال : مثلك لا يفعل هذا ، أي : أنت لا ينبغي أن تفعل ، وذكر المثل كناية ، ولو كان مقصودا لم يكن المخاطب مرادا ، وعند ذلك يفسد المعنى ، لأنه لا يمتنع ، حينئذ ، أن يكون المعنى : مثلك لا يفعله وأنت تفعله ، كما تقول : أخو زيد لا يفعل هذا ولكن زيد يفعله ، لما كان الأخ مقصودا ، فكأنهم قالوا : ما عبد الله ولا أخوه ، وما أخوك ولا أبوك ، فلا تجيء الفسادات المذكورة ؛
قال بعضهم : إن في هذا الجواب نظرا ، وذلك لأنه ، وإن كان المثل مقحما ، من
__________________
(١) أي على معمولي عاملين مختلفين وفي التعبير اختصار ،
(٢) المراد التقدير لا الإضمار الاصطلاحي ،