متبوعه في جميع استعمالاته ، كالمنسوب ، و «ذو» المضاف إلى اسم الجنس ، فإن لهما موصوفا في جميع المواضع ، إمّا ظاهرا ، أو مقدّرا ، فالمراد بالموضوع لغرض المعنى عموما : الوصف العام ، وقد حددناه ؛
ومن الجامد الموضوع كذلك : كل موصول فيه الألف واللام ، كالذي ، والتي ، وفروعهما ، و «ذو» الطائية ؛ لأن «الذي قام» بمعنى القائم ؛
قوله : «أو خصوصا» ، يعني به أن يوضع للدلالة على معنى في متبوعه في بعض استعمالاته ، وهي ، كاسم الجنس الجامد بالنظر إلى اسم الإشارة ، نحو : هذا الرجل ، كما ذكرنا في باب النداء ، أمّا إذا جعلته صفة لغير اسم الإشارة نحو : مررت بزيد الرجل ، أي الكامل في الرجوليّة ، فليس الجنس موضوعا لمعنى في متبوعه ، لأن استعمال الرجل بمعنى الكامل في الرجوليّة ليس وضعيّا ، كما أن استعمال أسد ، بمعنى شجاع في قولك : مررت برجل أسد ، ليس وضعيا ،
فإن قيل : لم لم يجز أن يوصف بأسماء الأجناس باقيا معناها على ما وضعت له ، سائر (١) المبهمات التي هي غير أسماء الإشارة ، كما جاز وصفها بها ، فيقال : مررت بشخص رجل ، وبسبع أسد ، كما يقال : بهذا الرجل وبذاك الأسد ، فإن شخصا وسبعا ، مبهمان ، كاسم الإشارة؟
قلت : لتجرد الموصوف في مثله عن فائدة زائدة على ما كان يحصل من أسماء الأجناس لو لم تقع صفات ، إذ قولك : مررت برجل ، يفيد الشخصيّة ، وأسد ، يفيد السبعيّة ، بخلاف : رجل طويل ، ورجل عالم ، فإن العلم والطول يكونان في غير الرجل أيضا ؛ ولهذا يحذف الموصوف في الأغلب ، مع قرينة دالة عليه ، نحو قوله :
٣٢٢ ـ ربّاء شماء لا يأوي لقلّتها |
|
الّا السحاب وإلّا الأين والسبل (٢) |
__________________
(١) نائب فاعل للفعل «يوصف» في قوله : لم لم يجز أن يوصف ...
(٢) هذا البيت من قصيدة للمتنخّل الهذلي ، يرثي بها ابنه أثيلة ، وأولها :
ما بال عينك أمست دمعها خضل |
|
كما وهى سرب الأحزاب منبذل |
ـ إلى أن يقول :
أقول لما أتاني الناعيان به |
|
لا يبعد الرمح ذو النصلين والرجل |
وقوله : ربّاء ، صيغة مبالغة من : ربا ، ومنه قولهم هو ربيئة القوم للذي يتقدمهم ، وتقدير الكلام : هو ربّاء ، وشماء مفعول به لربّاء ، أي ربّاء هضبة شماء ، مرتفعة لا يصل إلى قمتها إلا السحاب وإلا الأوب وهو النحل ، وهو المطر أيضا ، وقد يكون هذا مرجحا لتفسير الأوب بالنحل ، وقد شرح البغدادي عددا من أبيات هذه القصيدة ، قال : لأن كثيرا من أبياتها قد ورد شاهدا في هذا الشرح ؛ وهي قصيدة جيدة حقا ؛