ويشترط ، أيضا ، في تقديم المعطوف اضطرارا ، ألّا يكون المعطوف عليه مقرونا بإلّا ، أو معناها ، فلا تقول : ما جاءني وزيد إلا عمرو ؛ ولا : إنما جاءني وزيد عمرو ، وذلك لما تقدم في باب الفاعل ، ان ما بعد «إلّا» في حيّز غير حيّز ما قبلها ، لتخالفهما نفيا وإثباتا ، كما مرّ في باب الفاعل ، (١) فلا يقع قبلها المعطوف الذي هو في حيّز ما بعدها ؛ ومنها (٢) ، أن كل ضمير راجع إلى المعطوف بالواو ، أو «حتى» مع المعطوف عليه ، يطابقهما مطلقا ، نحو : زيد وعمرو جاءاني ، ومات الناس حتى الأنبياء ، وفنوا ، والضمير للمعطوف والمعطوف عليه ؛
وأمّا قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها)(٣) فالمعنى : ولا ينفقون الكنوز ، لدلالة يكنزون على الكنوز ؛
وقوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)(٤) ، أي يرضوا أحدهما ، لأن إرضاء أحدهما إرضاء للآخر ؛
ويجوز : زيد وعمرو قام ، على حذف الخبر من الأول اكتفاء بخبر الثاني وكذا يجوز : زيد قام وعمرو ، على حذف الخبر من الثاني اكتفاء بخبر الأول ، أي : وعمرو كذلك ، وفي الموضعين : ليس المبتدأ وحده عطفا على المبتدأ ، إذ لو كان كذلك لقلت : قاما ؛
وأمّا الفاء وثم ، فإن كان الضمير في الخبر ، عن المعطوف بهما مع المعطوف عليه ، ففي مطابقته لهما خلاف ، قال بعضهم يجب حذف الخبر من أحدهما ، إمّا من الأول نحو : زيد فعمرو قام ، وزيد ثم عمرو قام ، أي : زيد قام ، فعمرو قام ؛ وإمّا من الثاني نحو : زيد قام فعمرو ، أي فعمرو قام ، أو : فعمرو كذلك ؛ قالوا (٥) : ولا تجوز
__________________
(١) انظر ص ١٩١ من الجزء الأول ،
(٢) أي من أحكام العطف التي استطرد إلى ذكرها ،
(٣) الآية ٣٤ سورة التوبة ،
(٤) الآية ٦٢ سورة التوبة أيضا ،
(٥) أي أصحاب هذا الرأي المعبر عنهم بقوله : قال بعضهم ، ومقابله : قوله وأجازه الباقون ؛